والمجرور كما تقول : ما لك قائما؟ بمعنى ما تصنع في حال القيام. والتقدير : وما لكم كافرين بالله ، أي ما حصل لكم في حالة عدم الإيمان.
وجملة (وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ) حال ثانية ، والواو واو الحال لا العطف ، فهما حالان متداخلتان. والمعنى : ما ذا يمنعكم من الإيمان وقد بين لكم الرسول من آيات القرآن ما فيه بلاغ وحجة على أن الإيمان بالله حق فلا عذر لكم في عدم الإيمان بالله فقد جاءتكم بينات حقّيّته فتعين أن إصراركم على عدم الإيمان مكابرة وعناد.
وعلى هذا الوجه فالميثاق المأخوذ عليهم هو ميثاق من الله ، أي ما يماثل الميثاق من إيداع الإيمان بوجود الله وبوحدانيته في الفطرة البشرية فكأنه ميثاق قد أخذ على كل واحد من الناس في الأزل وشرط التكوين فهو ناموس فطري. وهذا إشارة إلى قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ) ذرياتهم (وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) وقد تقدم في سورة الأعراف [١٧٢].
فضمير (أَخَذَ) عائد إلى اسم الجلالة في قوله : (وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللهِ) والمعنى : أن النفوس لو خلت من العناد وعن التمويه والتضليل كانت منساقة إلى إدراك وجود الصانع ووحدانيته وقد جاءهم من دعوة الرسول صلىاللهعليهوسلم ما يكشف عنهم ما غشى على إدراكهم من دعاء أئمة الكفر والضلال.
وجملة (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) مستأنفة ، وجواب الشرط محذوف دل عليه قوله : (وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ).
واسم فاعل في قوله (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) مستعمل في المستقبل بقرينة وقوعه في سياق الشرط ، أي فقد حصل ما يقتضي أن تؤمنوا من السبب الظاهر والسبب الخفي المرتكز في الجبلة.
ويرجح هذا المعنى أن ظاهر الأمر في قوله : (آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) [الحديد : ٧] أنه لطلب إيجاد الإيمان كما تقدم في تفسيرها وأن الآية مكية.
وقرأ الجمهور (أَخَذَ) بالبناء للفاعل ونصب (مِيثاقَكُمْ) على أن الضمير عائد إلى اسم الجلالة ، وقرأه أبو عمرو (أَخَذَ) بالبناء للنائب ورفع (مِيثاقَكُمْ).
(هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ آياتٍ بَيِّناتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللهَ