والميقات : هنا لمعنى الوقت والأجل ، وأصله اسم آلة للوقت وتوسعوا فيه فأطلقوه على الوقت نفسه بحيث تعتبر الميم والألف غير دالّتين على معنى ، وتوسعوا فيه توسعا آخر فأطلقوه على مكان لعمل ما. ولعل ذلك متفرع على اعتبار ما في التوقيف من التحديد والضبط ، ومنه مواقيت الحج ، وهي أماكن يحرم الحاج بالحج عندها لا يتجاوزها حلالا. ومنه قول ابن عباس : «لم يوقت رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الخمر حدّا معيّنا».
ويصح حمله في هذه الآية على معنى المكان.
وقد ضمن (لَمَجْمُوعُونَ) معنى مسوقون ، فتعلق به مجروره بحرف (إِلى) للانتهاء ، وإلا فإن ظاهر مجموعون أن يعدّى بحرف (في).
وأفاد تعليق مجروره به بواسطة (إلى) أنه مسير إليه حتى ينتهي إليه ، فدل على مكان. وهذا من الإيجاز.
وإضافة (مِيقاتِ) إلى (يَوْمٍ مَعْلُومٍ) لأن التجمع واقع في ذلك اليوم. وإذ كان التجمع الواقع في اليوم واقعا في ذلك الميقات كانت بين الميقات واليوم ملابسة صححت إضافة الميقات إليه لأدنى ملابسة وهذا أدقّ من جعل الإضافة بيانية. وهذا تعريض بالوعيد بما يلقونه في ذلك اليوم الذي جحدوه.
[٥١ ـ ٥٥] (ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (٥١) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (٥٢) فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٥٣) فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (٥٤) فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (٥٥))
هذا من جملة ما أمر النبي صلىاللهعليهوسلم أن يقوله لهم.
و (ثُمَ) للترتيب الرتبي فإن في التصريح بتفصيل جزائهم في ذلك اليوم ما هو أعظم وقعا في النفوس من التعريض الإجمالي بالوعيد الذي استفيد من قوله : (إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ) [الواقعة : ٤٩ ، ٥٠].
وهذا التراخي الرتبي مثل الذي في قوله تعالى : (قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ) [التغابن : ٧] بمنزلة الاعتراض بين جملة (إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ) [الواقعة : ٤٩] وجملة : (خَلَقْناكُمْ فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ) [الواقعة : ٥٧].
والخطاب موجه للمقول إليهم ما أمر الرسول صلىاللهعليهوسلم بأن يقوله لهم فليس في هذا الخطاب التفات كما قد يتوهم ، وفي ندائهم بهذين الوصفين إيماء إلى أنهما سبب ما