[٤ ـ ١٠] (إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى (٤) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى (٥) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى (٦) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى (٧) ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى (٨)فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (٩) فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى (١٠))
استئناف بياني لجملة (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى) [النجم : ٣].
وضمير (هُوَ) عائد إلى المنطوق به المأخوذ من فعل (يَنْطِقُ) كما في قوله تعالى: (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) [المائدة : ٨] أي العدل المأخوذ من فعل (اعْدِلُوا).
ويجوز أن يعود الضمير إلى معلوم من سياق الرد عليهم لأنهم زعموا في أقوالهم المردودة بقوله : (ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى) [النجم : ٢] زعموا القرآن سحرا ، أو شعرا ، أو كهانة ، أو أساطير الأوّلين ، أو إفكا افتراه.
وإن كان النبي صلىاللهعليهوسلم ينطق بغير القرآن عن وحي كما في حديث الحديبية في جوابه للذي سأله : ما يفعل المعتمر؟ وكقوله : «إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها» ، ومثل جميع الأحاديث القدسية التي فيها قال الله تعالى ونحوه.
وفي «سنن أبي داود» و «الترمذي» من حديث المقدام بن معد يكرب قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إني أوتيت الكتاب ومثله معه ، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته ، يقول : عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلّوه وما وجدتم فيه من حرام فحرّموه».
وقد ينطق عن اجتهاد كأمره بكسر القدور التي طبخت فيها الحمر الأهلية فقيل له : أو نهريقها ونغسلها؟ فقال : «أو ذاك».
فهذه الآية بمعزل عن إيرادها في الاحتجاج لجواز الاجتهاد للنبي صلىاللهعليهوسلم لأنها كان نزولها في أول أمر الإسلام وإن كان الأصح أن يجوز له الاجتهاد وأنه وقع منه وهي من مسائل أصول الفقه.
والوحي تقدم عند قوله تعالى : (إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ) في سورة النساء [١٦٣]. وجملة (يُوحى) مؤكدة لجملة (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْي ٌ) مع دلالة المضارع على أن ما ينطق به متجدد وحيه غير منقطع.