فصوائق إن أيمنت ........... |
|
............ البيت |
ويكثر ذلك في عطف البقاع المتجاورة ، وقد تقدم ذلك في سورة الصافات.
واختلف أئمة السلف في محمل هذه الأوصاف وموصوفاتها. وأشهر ما روي عنهم في ذلك ما روي عن علي بن أبي طالب وابن عباس ومجاهد أن (الذَّارِياتِ) الرياح لأنها تذور التراب ، و (فَالْحامِلاتِ وِقْراً) : السحاب ، و (فَالْجارِياتِ) : السفن ، و (فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً) الملائكة ، وهو يقتضي اختلاف الأجناس المقسم بها.
وتأويله أن كل معطوف عليه يسبب ذكر المعطوف لالتقائهما في الجامع الخيالي ، فالرياح تذكّر بالحساب ، وحمل السحاب وقر الماء يذكر بحمل السفن ، والكل يذكر بالملائكة. ومن المفسرين من جعل هذه الصفات الأربع وصفا للرياح قاله في «الكشاف» ونقل بعضه عن الحسن واستحسنه الفخر ، وهو الأنسب لعطف الصفات بالفاء.
فالأحسن أن يحمل الذرو على نشر قطع السحاب نشرا يشبه الذرو. وحقيقة الذرو رمي أشياء مجتمعة ترمى في الهواء لتقع على الأرض مثل الحب عند الزرع ومثل الصوف وأصله ذرو الرياح التراب فشبه به دفع الريح قطع السحاب حتى تجتمع فتصير سحابا كاملا فالذاريات تنشر السحاب ابتداء كما قال تعالى : (اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ) [الروم : ٤٨]. والذرو وإن كان من صفة الرياح فإنّ كون المذرو سحابا يؤول إلى أنه من أحوال السحاب وقيل ذروها التراب وذلك قبل نشرها السحب وهو مقدمة لنشر السحاب.
ونصب (ذَرْواً) على المفعول المطلق لإرادة تفخيمه بالتنوين ، ويجوز أن يكون مصدرا بمعنى المفعول ، أي المذرو ، ويكون نصبه على المفعول به.
و (فَالْحامِلاتِ وِقْراً) هي الرياح حين تجمع السحاب وقد ثقل بالماء ، شبه جمعها إياه بالحمل لأن شأن الشيء الثقيل أن يحمله الحامل ، وهذا في معنى قوله تعالى : (وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ) [الروم : ٤٨] الآية. وقوله : (وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ) [الرعد : ١٢] وقوله : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ) [النور : ٤٣].
والوقر بكسر الواو : الشيء الثقيل.
ويجوز أن تكون الحاملات الأسحبة التي ملئت ببخار الماء الذي يصير مطرا ،