يتساءل عن حال أضدادهم وهم الفريق الذين صدقوا الرسول صلىاللهعليهوسلم فيما جاء به القرآن وخاصة إذ كان السامعون المؤمنين وعادة القرآن تعقيب الإنذار بالتبشير وعكسه ، والجملة معترضة بين ما قبلها وجملة (أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ) [الطور : ٣٠].
وتأكيد الخبر ب (إن) للاهتمام به وتنكير (جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ) لتعظيم ، أي في أيّة جنات وأيّ نعيم.
وجمع (جَنَّاتٍ) تقدم في سورة الذاريات.
والفاكه : وصف من فكه كفرح ، إذا طابت نفسه وسرّ.
وقرأ الجمهور (فاكِهِينَ) بصيغة اسم الفاعل ، وقرأه أبو جعفر (فَكِهِينَ) بدون ألف.
والباء في (بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ) للسببية ، والمعنى : أن ربهم أرضاهم بما يحبون.
واستحضار الجلالة بوصف (رَبُّهُمْ) للإشارة إلى عظيم ما آتاهم إذ العطاء يناسب حال المعطي ، وفي إضافة (رب) إلى ضميرهم تقريب لهم وتعظيم وجملة (وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) في موضع الحال ، والواو حالية ، أو عاطفة على (فاكِهِينَ) الذي هو حال ، والتقدير : وقد وقاهم ربهم عذاب الجحيم ، وهو حال من المتقين. والمقصود من ذكر هذه الحالة : إظهار التباين بين حال المتقين وحال المكذبين زيادة في الامتنان فإن النعمة تزداد حسن وقع في النفس عند ملاحظة ضدها.
وفيه أيضا أن وقايتهم عذاب الجحيم عدل ، لأنهم لم يقترفوا ما يوجب العقاب. وأما ما أعطوه من النعيم فذلك فضل من الله وإكرام منه لهم.
وفي قوله : (رَبُّهُمْ) ما تقدم قبيله.
وجملة (كُلُوا وَاشْرَبُوا) إلى آخرها مقول قول محذوف في موضع الحال أيضا ، تقديره : يقال لهم ، أو مقولا لهم. وهذا القول مقابل ما يقال للمكذبين (اصْلَوْها فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [الطور : ١٦].
وحذف مفعول (كُلُوا وَاشْرَبُوا) لإفادة النعيم ، أي كلوا كل ما يؤكل واشربوا كلّ ما يشرب ، وهو عموم عرفي ، أي مما تشتهون.
و (هَنِيئاً) اسم على وزن فعيل بمعنى مفعول وقع وصفا لمصدرين لفعلي (كُلُوا