لحقهم من الجزاء السّيّئ ، ووصفهم بأنهم : ضالون مكذّبون ، ناظر إلى قولهم : (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً) [الواقعة : ٤٧] إلخ.
وقدم وصف (الضَّالُّونَ) على وصف (الْمُكَذِّبُونَ) مراعاة لترتيب الحصول لأنهم ضلّوا عن الحق فكذبوا بالبعث ليحذروا من الضلال ويتدبروا في دلائل البعث وذلك مقتضى خطابهم بهذا الإنذار بالعذاب المتوقع.
وشجر الزقوم : من شجر العذاب ، تقدم في سورة الدخان.
والحميم : الماء الشديد الغليان ، وقد تقدم في قوله تعالى : (لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ) في سورة الأنعام [٧٠] وتقدم قريبا في هذه السورة.
والمقصود من قوله : (فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ) تفظيع حالهم في جزائهم على ما كانوا عليه من الترف في الدنيا بملء بطونهم بالطعام والشراب ملئا أنساهم إقبالهم عليه وشربهم من التفكر في مصيرهم.
وقد زيد تفظيعا بالتشبيه في قوله : (فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ) ، كما سيأتي ، وإعادة فعل (شاربون) للتأكيد وتكرير استحضار تلك الصورة الفظيعة. ومعنى (فَشارِبُونَ عَلَيْهِ) يجوز أن يكون (على) فيه للاستعلاء ، أي شاربون فوقه الحميم ، ويجوز مع ذلك استفادة معنى (مع) من حرف (على) تعجيبا من فظاعة حالهم ، أي يشربون هذا الماء المحرق مع ما طعموه من شجر الزقوم الموصوفة في آية أخرى بأنها (يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ) [الدخان : ٤٥ ، ٤٦] فيفيد أنهم يتجرعونه ولا يستطيعون امتناعا.
و (مِنْ) الداخلة على (شَجَرٍ) ابتدائية ، أي آكلون أكلا يؤخذ من شجر الزقوم ، و (مِنْ) الثانية الداخلة على (زَقُّومٍ) بيانية لأن الشجر هو المسمى بالزقوم.
وتأنيث ضمير الشجر في قوله : (فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ) لأن ضمائر الجمع لغير العاقل تأتي مؤنثة غالبا.
وأما ضمير (عَلَيْهِ) فإنما جاء بصيغة المذكر لأنه عائد على الأكل المستفاد من قوله : (لَآكِلُونَ) ، أي على ذلك الأكل بتأويل المصدر باسم المفعول مثل الخلق بمعنى المخلوق.
والهيم : جمع أهيم ، وهو البعير الذي أصابه الهيام بضم الهاء ، وهو داء يصيب