واختيار التعريف بالإضافة ؛ لتضمن المضاف إليه معنى التذكير بصلة الرحم ، لأن إخوة الأم أشد أواصر القرابة ؛ لاشتراك الأخوين في الألف من وقت الصبا والرضاع.
وفتح الميم في (ابْنَ أُمَ) قراءة نافع ، وابن كثير ، وأبي عمرو ، وحفص عن عاصم ، وهي لغة مشهورة في المنادى المضاف إلى أم أو عم ، وذلك بحذف ياء المتكلم وتعويض ألف عنها في آخر المنادى ، ثم يحذف ذلك الألف تخفيفا ، ويجوز بقاء كسرة الميم على الأصل ، وهي لغة مشهورة أيضا ، وبها قرأ ابن عامر ، وحمزة ، والكسائي ، وأبو بكر عن عاصم ، وخلف.
وتقدم الكلام على الأم عند قوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ) في سورة النساء [٢٣].
وتأكيد الخبر ب (إِنَ) لتحقيقه لدى موسى ، لأنه بحيث يتردد فيه قبل إخبار المخبر به ، والتأكيد يستدعيه قبول الخبر للتردد من قبل إخبار المخبر به ، وإن كان المخبر لا يظن به الكذب ، أو لئلا يظن به أنه توهم ذلك من حال قومه ، وكانت حالهم دون ذلك.
والسين والتاء في (اسْتَضْعَفُونِي) للحسبان أي حسبوني ضعيفا لا ناصر لي ، لأنهم تمالئوا على عبادة العجل ولم يخالفهم إلا هارون في شرذمة قليلة.
وقوله : (وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي) يدل على أنه عارضهم معارضة شديدة ثم سلّم خشية القتل.
والتفريع في قوله : (فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) تفريع على تبين عذره في إقرارهم على ذلك ، فطلب من أخيه الكف عن عقابه الذي يشمت به الأعداء لأجله ، ويجعله مع عداد الظالمين فطلب ذلك كناية عن طلب الإعراض عن العقاب.
والشماتة : سرور النفس بما يصيب غيرها من الإضرار ، وإنما تحصل من العداوة والحسد. وفعلها قاصر كفرح ، ومصدرها مخالف للقياس ، ويتعدى الفعل إلى المفعول بالباء يقال : شمت به : أي : كان شامتا بسببه ، وأشمته به جعله شامتا به ، وأراد بالأعداء الذين دعوا إلى عبادة العجل ، لأن هارون أنكره عليهم فكرهوه لذلك ، ويجوز أن تكون شماتة الأعداء كلمة جرت مجرى المثل في الشيء الذي يلحق بالمرء سوءا شديدا ، سواء كان للمرء أعداء أو لم يكونوا ، جريا على غالب العرف.