والنفس الواحدة هو قصي بن كلاب تزوج امرأة من خزاعة فلما آتاهما الله أولادا أربعة ذكورا سمى ثلاثة منهم عبد مناف ، وعبد العزى ، وعبد الدار ، وسمى الرابع «عبدا» بدون إضافة وهو الذي يدعى بعبد قصي.
وقرأ نافع ، وعاصم في رواية أبي بكر عنه ، وأبو جعفر : شركا ـ بكسر الشين وسكون الراء ـ أي اشتراكا مع الله ، والمفعول الثاني لفعل جعلا محذوف للعلم به ، أي جعلا له الأصنام شركا ، وقرأ بقية العشرة شركاء ـ بضم الشين جمع شريك ، والقراءتان متحدتان معنى.
وفي جملة : (فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) محسن من البديع وهو مجيء الكلام متزنا على ميزان الشعر ، من غير أن يكون قصيدة ، فإن هذه الجملة تدخل في ميزان الرمل.
وفيها الالتفات من الخطاب الذي سبق في قوله : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) وليس عائد إلى ما قبله ، لأن ما قبله كان بصيغة المثنى خمس مرات من قوله : (دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما) ـ إلى قوله ـ (فِيما آتاهُما).
[١٩١ ، ١٩٢] (أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (١٩١) وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (١٩٢))
هذه الآيات الثلاث كلام «معترض بين الكلامين المسوقين لتوبيخ المشركين وإقامة الحجة عليهم ، مخاطب بها النبي عليه الصلاة والسلام والمسلمون ، للتعجيب من عقول المشركين ، وفيه تعريض بالرد عليهم لأنه يبلغ مسامعهم.
والاستفهام مستعمل في التعجيب والإنكار.
وصيغة المضارع في يشركون دالة على تجدد هذا الإشراك منهم. ونفي المضارع في قوله: (ما لا يَخْلُقُ) للدلالة على تجدد نفي الخالقية عنهم.
وأصل معنى التجدد ، الذي يدل عليه المسند الفعلي ، هو حدوث معنى المسند للمسند إليه ، وأنه ليس مجرد ثبوت وتقرر ، فيعلم منه : أنهم لا يخلقون في الاستقبال ، وأنهم ما خلقوا شيئا في الماضي ، لأنه لو كان الخلق صفة ثابتة لهم لكان متقررا في الماضي والحال والاستقبال.
وضمير الغيبة في (وَهُمْ يُخْلَقُونَ) يجوز عندي : أن يكون عائدا إلى ما عاد إليه