والباء في قوله : (بِسُوءٍ) للملابسة ، وهي في موضع الحال من فاعل تمسوها أي بقصد سوء.
(وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٧٤))
يجوز أن يكون عطفا على قوله : (اعْبُدُوا اللهَ) [الأعراف : ٧٣] وأن يكون عطفا على قوله : (فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ) [الأعراف : ٧٣] إلخ. والقول فيه كالقول في قوله : (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ) [الأعراف : ٦٩].
(وَبَوَّأَكُمْ) معناه أنزلكم ، مشتق من البوء وهو الرّجوع ، لأنّ المرء يرجع إلى منزله ومسكنه ، وتقدّم في سورة آل عمران [١٢١] ، (تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ).
وقوله : (فِي الْأَرْضِ) يجوز أن يكون تعريف الأرض للعهد ، أي في أرضكم هذه ، وهي أرض الحجر ، ويجوز أن يكون للجنس لأنّه لما بوأهم في أرض معيّنة فقد بوّأهم في جانب من جوانب الأرض.
و «السّهول» جمع سهل ، وهو المستوي من الأرض ، وضدّه الجبل.
والقصور : جمع قصر وهو المسكن ، وهذا يدلّ على أنّهم كانوا يشيّدون القصور ، وآثارهم تنطق بذلك.
و (من) في قوله : (مِنْ سُهُولِها) للظرفيّة ، أي : تتّخذون في سهولها قصورا.
والنّحت : بري الحجر والخشب بآلة على تقدير مخصوص.
والجبال : جمع جبل وهو الأرض النّاتئة على غيرها مرتفعة ، والجبال : ضدّ السّهول.
والبيوت : جمع بيت وهو المكان المحدّد المتّخذ للسكنى ، سواء كان مبنيا من حجر أم كان من أثواب شعر أو صوف. وفعل النّحت يتعلّق بالجبال لأنّ النّحت يتعلّق بحجارة الجبال ، وانتصب (بُيُوتاً) على الحال من الجبال ، أي صائرة بعد النّحت بيوتا ، كما يقال : خط هذا الثّوب قميصا ، وابر هذه القصبة قلما ، لأنّ الجبل لا يكون حاله حال البيوت وقت النّحت ، ولكن يصير بيوتا بعد النّحت.