وجملة : (وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ) تذييل بالثّناء على الله بأنّ حكمه عدل محض لا يحتمل الظلم عمدا ولا خطأ ، وغيره من الحاكمين يقع منه أحد الأمرين أو كلاهما.
و (خَيْرُ) : اسم تفضيل أصله أخير فخفّفوه لكثرة الاستعمال.
[٨٨ ، ٨٩] (قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا قالَ أَوَلَوْ كُنَّا كارِهِينَ (٨٨) قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللهِ كَذِباً إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللهُ مِنْها وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّنا وَسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ (٨٩))
كان جوابهم عن حجّة شعيب جواب المفحم عن الحجّة ، الصائر إلى الشدّة ، المزدهي بالقوة ، المتوقّع أن يكثر معاندوه ، فلذلك عدلوا إلى إقصاء شعيب وأتباعه عن بلادهم خشية ظهور دعوته بين قومهم ، وبث أتباعه دعوته بين الناس ، فلذلك قالوا : (لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا).
وتفسير صدر الآية هو كتفسير نظيره من قصّة ثمود.
وإيثار وصفهم بالاستكبار هنا دون الكفر ، مع أنّه لم يحك عنم هنا خطاب المستضعفين ، حتّى يكون ذكر الاستكبار إشارة إلى أمّهم استضعفوا المؤمنين كما اقتضته قصة ثمود ، فاختير وصف الاستكبار هنا لمناسبة مخاطبتهم شعيبا بالإخراج أو الإكراه على اتّباع دينهم ، وذلك من فعل الجبّارين أصحاب القوة.
وكان إخراج المغضوب عليه من ديار قبيلته عقوبة متّبعة في العرب إذا أجمعت القبيلة على ذلك ويسمّى هذا الإخراج عند العرب بالخلع ، والمخرج يسمّى خليعا.
قال امرؤ القيس :
به الذئب يعوي كالخليع المعيل
وأكدوا التوعّد بلام القسم ونون التوكيد : ليوقن شعيب بأنّهم منجزو ذلك الوعيد.
وخطابهم إيّاه بالنداء جار على طريقة خطاب الغضب ، كما حكى الله قول آزر خطابا لإبراهيم ـ عليهالسلام ـ (أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ) [مريم : ٤٦].
وقوله : (مَعَكَ) متعلّق ب (لَنُخْرِجَنَّكَ) ، ومتعلّق (آمَنُوا) محذوف ، أي بك ، لأنهم