الجزاء ، فكان حبط أعمالهم الصالحة وفاقا لاعتقادهم.
والمراد ب (ما كانُوا يَعْمَلُونَ) ما كانوا يعتقدون ، فأطلق على التكذيب بالآيات وبلقاء الآخرة فعل (يَعْمَلُونَ) لأن آثار الاعتقاد تظهر في أقوال المعتقد وأفعاله ، وهي من أعماله.
والاستفهام ب (هَلْ) مشرب معنى النفي ، وقد جعل من معاني (هل) النفي ، وقد بيناه عند قوله تعالى : (هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) في سورة النمل [٩٠] ، فانظره هناك.
و (ما كانُوا يَعْمَلُونَ) مقدر فيه مضاف ، والتقدير مكافئ ما كانوا يعملون بقرينة قوله : (يُجْزَوْنَ) لأن الجزاء لا يكون نفس المجزي عليه ، فإن فعل جزى يتعدى إلى العوض المجعول جزاء بنفسه ، ويتعدى إلى العمل المجزي عليه بالباء ، كما قال تعالى :(وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً) [الإنسان : ١٢] ونظير هذه الآية قوله في سورة الأنعام [١٣٩] (سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ).
(وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكانُوا ظالِمِينَ (١٤٨))
عطف على جملة : (وَواعَدْنا مُوسى) [الأعراف : ١٤٢] عطف قصة على قصة ، فذكر فيما تقدم قصة المناجاة ، وما حصل فيها من الآيات والعبر ، وذكر في هذه الآية ما كان من قوم موسى ، في مدة مغيبه في المناجاة ، من الإشراك.
فقوله : (مِنْ بَعْدِهِ) أي من بعد مغيبه ، كما هو معلوم من قوله : (وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا) [الأعراف : ١٤٣] ومن قوله : (وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي) [الأعراف : ١٤٢].
وحذف المضاف مع «بعد» المضافة إلى اسم المتحدّث عنه شائع في كلام العرب ، كما تقدم في نظيرها من سورة البقرة.
و (من) في مثله للابتداء ، وهو أصل معاني (من) وأما (من) في قوله : (مِنْ حُلِيِّهِمْ) فهي للتبعيض.
والحلّي بضم الحاء وكسر اللام وتشديد المثناة التحتية ، جمع حلي ، بفتح الحاء وسكون اللام وتخفيف التحتية ، ووزن هذا الجمع فعول كما جمع ثدي ، ويجمع أيضا على