النّيابة عن ظرف الزّمان أي في وقت البيات.
وجملة (هُمْ قائِلُونَ) حال أيضا لعطفها على (بَياتاً) بأو ، وقد كفى هذا الحرف العاطف عن ربط جملة الحال بواو الحال ، ولو لا العطف لكان تجرد مثل هذه الجملة عن الواو غير حسن ، كما قال في «الكشاف» ، وهو متابع لعبد القاهر.
وأقول : إنّ جملة الحال ، إذا كانت جملة اسميّة ، فإمّا أن تكون منحلّة إلى مفردين : أحدهما وصف صاحب الحال ، فهذه تجرّدها عن الواو قبيح ، كما صرّح به عبد القاهر وحقّقه التفتازانيّ في «المطوّل» ، لأنّ فصيح الكلام أن يجاء بالحال مفردة إذ لا داعي للجملة ، نحو جاءني زيد هو فارس ، إذ يغني أن تقول : فارسا.
وأمّا إذا كانت الجملة اسميّة فيها زيادة على وصف صاحب الحال ، وفيها ضمير صاحب الحال ، فخلوها عن الواو حسن نحو قوله تعالى : قلنا (اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) [طه : ١٢٣] فإنّ هذه حالة لكلا الفريقين ، وهذا التّحقيق هو الذي يظهر به الفرق بين قوله : (بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) [طه : ١٢٣] وقولهم ، في المثال : جاءني زيد هو فارس ، وهو خير ممّا أجاب به الطيبي وما ساقه من عبارة «المفتاح» وعبارة ابن الحاجب فتأمّله. وعلّل حذف واو الحال بدفع استثقال توالي حرفين من نوع واحد.
و (أو) لتقسيم القرى المهلكة : إلى مهلكة في اللّيل ، ومهلكة في النّهار ، والمقصود من هذا التّقسيم تهديد أهل مكّة حتّى يكونوا على وجل في كلّ وقت لا يدرون متى يحلّ بهم العذاب ، بحيث لا يأمنون في وقت ما.
ومعنى : (قائِلُونَ) كائنون في وقت القيلولة ، وهي القائلة ، وهي اسم للوقت المبتدئ من نصف النّهار المنتهي بالعصر ، وفعله : قال يقيل فهو قائل ، والمقيل الرّاحة في ذلك الوقت ، ويطلق المقيل على القائلة أيضا.
وخصّ هذان الوقتان من بين أوقات اللّيل والنّهار : لأنّهما اللّذان يطلب فيهما النّاس الرّاحة والدعة ، فوقوع العذاب فيهما أشدّ على النّاس ، ولأنّ التّذكير بالعذاب فيهما ينغص على المكذّبين تخيّل نعيم الوقتين.
والمعنى : وكم من أهل قرية مشركين أهلكناهم جزاء على شركهم ، فكونوا يا معشر أهل مكّة على حذر أن نصيبكم مثل ما أصابهم فإنّكم وإياهم سواء.
وقوله : (فَما كانَ دَعْواهُمْ) يصحّ أن تكون الفاء فيه للترتيب الذّكري تبعا للفاء في