القول بأن الزيادة على النص نسخ (١) وأصالة البراءة من الزائد ، وإليه ذهب جماعة من الأصحاب منهم المحقق في الشرائع والعلامة في التحرير من موافقته في المختلف للأول وتردده في باقي كتبه.
وللتوقف وجه (٢) وإن كان الأول لا يخلو من قوة وهو اختيار المصنف في الشرح.
وأجيب عن الآية بأن العين مفرد محلى فلا يعم ، والأصل يعدل عنه للدليل.
وما قيل من أن الآية حكاية عن التوراة (٣) فلا يلزمنا مندفع بإقرارها في شرعنا لرواية زرارة عن أحدهما عليهالسلام «أنها محكمة» (٤) ولقوله تعالى بعدها : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمٰا أَنْزَلَ اللّٰهُ فَأُولٰئِكَ هُمُ الظّٰالِمُونَ) (٥) ومن للعموم ، والظلم حرام ، فتركه واجب ، وهو لا يتم إلا بالحكم بها.
وقد ينقدح الشك في الثاني (٦) باحتمال كونه معطوفا على اسم إنّ فلا يدل
______________________________________________________
(١) فإذا كانت الآية نصا فلا محالة ، يكون الخبران الدالان على نصف الدية أيضا زيادة على النص ، ولازمه أن يكون الخبران ناسخين للآية لأنهما متضمنان ما لا يوجد في النص ، مع أنه لا يجوز نسخ الكتاب إلا بالقطعي والخبران غير مقطوعي الصدور.
وفيه : إن الآية نص على التقابل بالعينين وهي مطلقة من ناحية الزيادة فيكون الخبران مقيدين لهذا الإطلاق.
(٢) لما ذكر من دلالة الآية وأصالة البراءة مع عدم صلاحية الروايتين لمعارضة ذلك ، وفيه أن الجميع قد حكم بتمام الدية لو رضي بالدية ، ولازمه أنه لا بد من الرد بعد القصاص فيما لو اقتص بمقدار نصف الدية ، هذا فضلا عن أن الخبرين معتبران لأن أحدهما صحيح السند وهو خبر محمد بن قيس ولا تعارض بينهما وبين الآية ، لأنهما مقيدان لإطلاقها.
(٣) لأن أولها : وكتبنا عليهم فيها.
(٤) أي غير منسوخة.
(٥) المائدة الآية : ٤٥.
(٦) أي في الاستدلال بقوله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمٰا أَنْزَلَ اللّٰهُ) بدعوى أنه يحتمل أن يكون معطوفا على اسم إن في الجملة السابقة ويكون المعنى والله العالم : وكتبنا عليهم فيها (أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) ... وكتبنا عليهم (مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمٰا أَنْزَلَ اللّٰهُ فَأُولٰئِكَ هُمُ الظّٰالِمُونَ).