تسبّح وتحمد الله عزوجل في عالمها الخاصّ ، بالرغم من عدم معرفتنا لذلك بسبب محدودية علمنا واطّلاعنا.
من أجل تفصيل أكثر حول حمد وتسبيح الكائنات أجمع يراجع نهاية الآية (٤٤) من سورة الإسراء.
ويجدر الانتباه إلى أنّ (ما) في جملة (سبّح لله ما في السماوات) لها معنى واسع بحيث تشمل كلّ موجودات العالم ، أعمّ من ذوي العقول والأحياء والجمادات (١).
وبعد ذكر صفتين من صفات الذات الإلهية يعني (العزّة والحكمة) يتطرّق إلى (مالكيّته وتدبيره ، وقدرته في عالم الوجود) والتي هي من مستلزمات القدرة والحكمة ، حيث يقول تعالى : (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
إنّ مالكية الله عزوجل لعالم الوجود ليست مالكية اعتبارية وتشريعية ، إذ أنّها مالكية حقيقيّة وتكوينيّة. وهذا يعني أنّ الله سبحانه محيط بكلّ شيء ، وأنّ جميع العالم في قبضته وقدرته وتحت إرادته وأوامره ، لذا فقد جاء الحديث بعد هذا الكلام عن (الإحياء والإفناء) والقدرة على كلّ شيء.
إلى هنا ذكرت في الآيتين الآنفتين ستّة أوصاف من صفاته الكريمة.
الاختلاف بين «العزّة» و «القدرة» هو أنّ العزّة أكثر دلالة على تحطيم المقابل والقدرة تعني توفير الأسباب وإيجادها. وبناء على هذا فإنّهما يعدّان وصفين مختلفين بالرغم من أنّهما مشتركان في أصل القدرة (يرجى ملاحظة ذلك).
مسألة (الإحياء والإماتة) قد ذكرت في آيات عديدة في القرآن الكريم ، وفي الواقع انّهما من الموضوعات التي لم تتوضّح أسرارهما المعقّدة لأي شخص ، كما
__________________
(١) بالرغم من أنّ (سبّح) فعل متعدّ بدون حرف جرّ حيث يقال مثلا سبّحوه إلّا أنّه هنا قد عدي باللام ، ومن المحتمل أن يكون ذلك للتأكيد.