بحثان
١ ـ التقوى والنجاة من المشاكل
إنّ تلاوة الآيات السابقة تبعث ـ أكثر من غيرها ـ الأمل في النفوس ، وتمنح القلب صفاء خاصّا ، وتمزّق حجب اليأس والقنوط ، وتنير الأرواح بنور الأمل ، إذ تعدّ كلّ المتّقين بحلّ مشاكلهم وتسهيل أمورهم.
جاء في حديث عن أبي ذرّ الغفاري أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «إنّي لأعلم آية لو أخذها بها الناس لكفتهم (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) فما زال يقولها ويعيدها» (١).
وفي حديث آخر عن الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في تفسير هذه الآية أنّه قال : «من شبهات الدنيا ، ومن غمرات الموت ، وشدائد يوم القيامة».
وهذا التعبير دليل على أنّ تيسير امور المتّقين ليس في الدنيا فقط وإنّما يشمل القيامة أيضا.
وفي حديث آخر عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «من أكثر الاستغفار جعله الله له من كلّ هم فرجا ومن كلّ ضيق مخرجا» (٢).
قال بعض المفسّرين : إنّ أوّل الآية السابقة نزلت بحقّ (عوف بن مالك) وهو أحد أصحاب الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي أسر ابنه فجاء يشكو هذا الحادث وفقر حاله وضيق ذات يده إلى الرّسول فنصحه رسول الله بقوله : «اتّق الله واصبر ، وأكثر من قول «لا حول ولا قوّة إلّا بالله» ففعل ذلك وفجأة بينما هو جالس في بيته دخل عليه ولده ، فتبيّن أنّه قد استغفل الأعداء وفرّ من قبضتهم وجاء بجمل معه منهم.
لذا نزلت هذه الآية التي تخبر عن تيسير معضلة هذا الرجل المتّقي من حيث
__________________
(١) نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٣٥٦ ، حديث ٤٤.
(٢) نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٣٥٧ ، حديث ٤٥.