قسما من الآية الكريمة.
تقول الرواية الاولى : إنّ الآية نزلت في اليهود والمنافقين حيث كانوا يتناجون فيما بينهم بمعزل عن المؤمنين ، مع الإشارة إليهم بأعينهم غمزا ، فلمّا رأى المؤمنون نجواهم ظنّوا أنّ سوءا حصل لإخوانهم في السرايا فحزنوا لذلك ، وبثّوا حزنهم لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأمرهم الرّسول ألّا يتناجوا دون المسلمين ، فلم ينتهوا عن ذلك وعادوا إلى مناجاتهم فنزلت الآية أعلاه وهدّدتهم بشدّة (١).
أمّا الرواية الثانية فقد نقل في صحيح مسلم والبخاري وكثير من كتب التّفسير أنّ قسما من اليهود جاءوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وبدلا من قولهم له : السّلام عليكم ، قالوا : أسام عليك يا أبا القاسم (والتي تعني الموت عليك أو الملالة والتعب) فكان ردّ الرّسول عليهم (وعليكم) تقول عائشة : إنّي فهمت مرادهم وقلت : (عليكم السام ولعنكم الله وغضب عليكم).
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا عائشة عليك بالرفق وإيّاك العنف والفحش ، فقلت : ألا تسمعهم يولون السام؟ فقال : وأما سمعت ما أقول عليكم فأنزل الله تعالى : (إِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ ...) (٢).
التّفسير
النجوى من الشيطان :
البحث في هذه الآيات هو استمرار لأبحاث النجوى السابقة ، يقول سبحانه : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ).
ويستفاد من هذه الآية بصورة جليّة أنّ المنافقين واليهود قد نهوا من قبل
__________________
(١) مجمع البيان ، ج ٩ ، ص ٢٤٩.
(٢) تفسير المراغي ، ج ٢٨ ، ص ١٣.