رَبَّهُمْ ...) (١) وعاودوا بعدها سؤال سلمان فجاءهم هذا التوبيخ والعتاب.
وقيل كان الصحابة بمكّة مجدبين ، فلمّا هاجروا أصابوا الخير والنعمة ، فتغيّروا عمّا كانوا عليه ، فقست قلوبهم فعوتبوا من ذلك (٢).
كما نلاحظ أسباب نزول اخرى للآية ، وبما أنّها تتحدّث عن نزول هذه الآية في مكّة ، لذا فإنّها غير قابلة للاعتماد ، لأنّ المشهور أنّ جميع هذه السورة قد نزلت في المدينة.
التّفسير
إلى متى هذه الغفلة؟
بعد ما وجّهت الآيات السابقة مجموعة من الإنذارات الصارمة والتنبّهات الموقظة ، وبيّنت المصير المؤلم للكفّار والمنافقين في يوم القيامة ، جاءت الآية الاولى مورد البحث بشكل استخلاص نتيجة كليّة من ذلك ، فتقول : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ ، وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ ، وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ) (٣).
«تخشع» من مادّة «خشوع» بمعنى حالة التواضع مقترنة بالأدب الجسمي والروحي ، حيث تنتاب الإنسان هذه الحالة ـ عادة ـ مقابل حقيقة مهمّة أو شخصية كبيرة.
ومن الواضح أنّ ذكر الله عزوجل إذا دخل أعماق روح الإنسان ، وسماع الآيات القرآنية بتدبّر فإنّها تكون سببا للخشوع ، والقرآن الكريم هنا يلوم بشدّة
__________________
(١) الزمر ، الآية ٢٣.
(٢) مجمع البيان ، ج ٣ ، ص ٢٣٧ كما جاء في تفسير الدرّ المنثور أيضا أسباب نزول كثيرة للآية من جملتها سبب النزول الثاني (الدرّ المنثور ، ج ٦ ص ١٧٥) وأتى البيضاوي أيضا في تفسير (أنوار التنزيل) بنفس سبب النزول المذكور.
(٣) (يأن) من مادّة (أنّى) من مادّة (إنا) على وزن (ندا) ومن مادّة (أناء) على وزن جفاء بمعنى الاقتراب وحضور وقت الشيء.