(إنّ هذا التعبير إشارة بديعة إلى بري القلم بواسطة السكين ، وجعل الشفرة الحادّة بخدمة القلم من البداية) (١).
ويقول شاعر آخر ، في هذا الصدد ومن وحي الآيات مورد البحث :
إذا أقسم الأبطال يوما بسيفهم |
|
وعدوّه ممّا يجلب المجد والكرم |
كفى قلم الكتاب فخرا ورفعة |
|
مدى الدهر إنّ الله أقسم بالقلم (٢) |
وإنّه لحقّ ، وذلك أنّه حتّى الانتصارات العسكرية إذا لم تستند وترتكز على ثقافة قويّة فإنّها لن تستقيم طويلا. لقد سجلّ المغول أكبر الانتصارات العسكرية في البلدان الإسلامية ، ولأنّهم كانوا شعبا سطحيا في مجال المعرفة والثقافة فلم يؤثّروا شيئا ، وأخيرا اندمجوا في حضارة الإسلام وثقافة المسلمين وغيّروا مسارهم.
ومجال البحث في هذا الباب واسع جدّا ، إلّا أنّنا ـ التزاما بمنهج التّفسير وعدم الخروج عنه ـ ننهي كلامنا هنا بحديث معبّر عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في هذا الموضوع حيث يقول : «ثلاثة تخرق الحجب ، وتنتهي إلى ما بين يدي الله : صرير أقلام العلماء ، ووطئ أقدام المجاهدين ، وصوت مغازل المحصنات» (٣).
ومن الطبيعي أنّ كلّ ما قيل في هذا الشأن ، يتعلّق بالأقلام التي تلتزم جانب الحقّ والعدل ، وتهدي إلى صراط مستقيم ، أمّا الأقلام المأجورة والمسمومة والمضلّة ، فإنّها تعتبر أعظم بلاء وأكبر خطر على المجتمعات الإنسانية.
٢ ـ نموذج من أخلاق الرّسول
بالرغم من أنّ الانتصارات التي تمّت على يد الرّسول محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم كانت
__________________
(١) المصدر السابق.
(٢) روح البيان ، ج ١٠ ، ص ١٠٢.
(٣) (الشهاب في الحكم والآداب) ، ص ٢٢.