«سحق» على وزن (قفل) وهي في الأصل بمعنى طحن الشيء وجعله ناعما كما تطلق على الملابس القديمة ، إلّا أنّها هنا بمعنى البعد عن رحمة الله ، وبناء على هذا فإنّ مفهوم قوله تعالى : (فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ) هو : فبعدا لأصحاب النار عن رحمة الله ، ولأنّ لعنة وغضب الله تعالى يكون توأما مع التجسيد الخارجي له ، فإنّ هذه الجملة بمثابة الدليل على أنّ هذه المجموعة بعيدة عن رحمة الله بشكل كلّي.
* * *
ملاحظة
المقام السامي للعقل :
ليست هذه هي المرّة الاولى التي يشير فيها القرآن الكريم إلى مقام العقل السامي ، كما أنّها ليست المرّة الاولى التي يصرّح فيها بأنّ العامل الأساسي لتعاسة الإنسان ودخوله عوالم الخسران والضياع والعاقبة التعيسة ، وسقوطه وفي وحل الذنوب وجهنّم .. هو عدم الاستفادة من هذه القوّة الإلهيّة العظيمة ، وإغفال هذه القدرة الجبّارة ، وعدم استثمار هذه الجوهرة والنعمة الربّانية ، وذلك واضح وبيّن لكل من قرأ القرآن وتدبّر آياته ، حيث يلاحظ أنّ هذا الأمر مؤكّد عليه في مناسبات شتّى ..
وعلى الرغم من الأكاذيب التي يطلقها البعض بأنّ الدين هو وسيلة لتخدير العقول والإعراض عن أوامرها ومتطلّباتها ، فإنّ الإسلام قد وضع أساس معرفة الله تعالى وسلوك طريق السعادة والنجاة ، ضمن مسئولية العقل.
لذا فإنّ القرآن الكريم يوجّه نداءاته بصورة مستمرّة وفي كلّ مكان إلى (أولو الألباب) و (أولو الأبصار) وأصحاب الفكر من العلماء والمتعمّقين في شؤون المعرفة.