أمّا لما ذا طرحت مسألة الإنفاق بعنوان القرض الحسن لله سبحانه؟ ولما ذا كان الجزاء المضاعف الأجر الكريم؟
يمكن معرفة الإجابة على هذه التساؤلات في البحث الذي بيّناه في نهاية الآية (١١) من نفس هذه السورة.
احتمل البعض أنّ المقصود من القرض الحسن لله في هذه الآيات والآيات المشابهة (١) بمعنى الإقراض للعباد ، لأنّ الله تعالى ليس بحاجة للقرض ، بل إنّ العباد المؤمنين هم الذين بحاجة إلى القرض ، ولكن بملاحظة سياق الآيات يفهم أنّ المقصود من «القرض الحسن» في كلّ هذه الآيات هو الإنفاق في سبيل الله ، بالرغم من أنّ القرض لعباد الله هو من أفضل الأعمال أيضا.
ويرى «الفاضل المقداد» أيضا في كنز العرفان في تفسير القرض الحسن بأنّه كلّ الأعمال الصالحة (٢).
موعظة وتوبة :
إنّ آية : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ ...) من الآيات المثيرة في القرآن الكريم ، حيث تليّن القلب ، وترطّب الروح وتمزّق حجب الغفلة وتعلن منبّهة : ألم يأن للقلوب المؤمنة أن تخشع مقابل ذكر الله وما نزّل من الحقّ! وتحذّر من الوقوع في شراك الغفلة كما كان بالنسبة لمن سبق حيث آمنوا وتقبّلوا آيات الكتاب الإلهي ، ولكن بمرور الزمن قست قلوبهم.
لذلك نلاحظ بصورة مستمرة أنّ أفرادا مذنبين جدّا قد هداهم الله إلى طاعته بعد سماعهم هذه الآية التي وقعت في نفوسهم كالصاعقة ، وأيقظتهم من سباتهم وغفلتهم التي كانوا فيها ، ولهذا شواهد عديدة حيث تنقل لنا كتب التاريخ العديد
__________________
(١) تراجع الآية (٢٤٥ من سورة البقرة) (الحديد الآية ١١) و (التغابن آية ١٧) و (المزمل آية ٢٠).
(٢) كنز العرفان ، ج ٢ ، ص ٥٨.