المهاجرين إلّا وله بمكّة من يمنع عشيرته وكنت عريرا فيهم (أي غريبا) وكان أهلي بين ظهرانيهم فخشيت على أهلي فأردت أن أتّخذ عندهم يدا ، وقد علمت أنّ الله ينزل بهم بأسه وأنّ كتابي لا يغني عنهم شيئا. فصدّقه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعذره ، فقام عمر بن الخطاب وقال : دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وما يدريك يا عمر لعلّ الله اطّلع على أهل بدر فغفر لهم فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. وكيفية العلاقة التي يجب أن تتحكّم بين المسلمين من جهة ، والمشركين وأعداء الله من جهة اخرى ، والتأكيد على إلغاء وتجنّب أي ولاء مع أعداء الله (١).
* * *
التّفسير
نتيجة الولاء لأعداء الله :
علمنا ممّا تقدّم أنّ سبب نزول الآيات السابقة هو التصرّف المشين الذي صدر من أحد المسلمين (حاطب بن أبي بلتعة) ورغم أنّه لم يكن قاصدا التجسّس إلّا أنّ عمله نوع من إظهار المودّة لأعداء الإسلام ، فجاءت الآيات الكريمة تحذّر المسلمين من تكرار مثل هذه التصرّفات مستقبلا وتنهاهم عنها.
يقول سبحانه في البداية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ) مؤكّدا أنّ أعداء الله وحدهم هم الذين يضمرون العداء للمؤمنين والحقد عليهم ، ومع هذا التصوّر فكيف تمدّون يد الصداقة والودّ لهم؟
ويضيف تعالى : (تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ
__________________
(١) مجمع البيان ، ج ٩ ، ص ٢٦٩ ، بتلخيص مختصر ، كما نقل هذا في سبب النزول : البخاري في صحيحه ، ج ٩ ، ص ١٨٥ ، والفخر الرازي ، وورد كذلك في تفسير روح المعاني ، وروح البيان ، وفي الظلال ، والقرطبي ، والمراغي ، وفي تفاسير اخرى باختلاف.