على خشيته تمثّل له الشيطان فقال : أنا الذي ألقيت في قلوب أهلها ، وأنا والذي أوقعتك في هذا ، فأطعني فيما أقول أخلّصك ممّا أنت فيه ، قال نعم. قال : اسجد لي سجدة واحدة ، فقال : كيف أسجد لك وأنا على هذه الحالة ، فقال : أكتفي منك بالإيماء ، فأومى له بالسجود فكفر بالله وقتل ، فهو قوله تعالى : (كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ ...) (١).
نعم هكذا هو مصير من ابتلي بوسوسة الشيطان وسار في خطّه.
٣ ـ ما ينبغي عمله
أكّدت الآيات محل البحث وجوب اهتمام الإنسان بما يرسله من متاع سلفا لغده في يوم القيامة ، قال تعالى : (وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ) حيث أنّ هذه الذخيرة الاخروية تمثّل أكبر رأسمال حقيقي للإنسان في مشهد يوم القيامة ، لذا فإنّ هذا النوع من الأعمال الصالحة يلزم إعداده وتهيئته وإرساله مسبقا ، وإلّا فلا أحد يهتمّ له بعد وفاته وانقضاء أجله ، وإذا أرسل شيئا فليس له شأن يذكر.
قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «تصدّقوا ولو بصاع من تمر ، ولو ببضع صاع ولو بقبضة ، ولو ببعض قبضة ، ولو تمرة ، ولو بشقّ تمرة ، فمن لم يجد فبكلمة طيّبة ، فإنّ أحدكم يلقى الله ، فيقال له : ألم أفعل بك ، ألم أفعل بك ، ألم أجعلك سميعا بصيرا ، ألم أجعل لك مالا وولدا؟ فيقول : بلى ، فيقول الله تبارك وتعالى : فانظر ما قدّمت لنفسك ، قال : فينظر قدّامه وخلفه وعن يمينه وعن شماله ، فلا يجد شيئا يقي به وجهه من النار» (٢).
ونقرأ في حديث آخر أنّ الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كان جالسا مع عدد من أصحابه ، إذ
__________________
(١) مجمع البيان ، ج ٩ ، ص ٢٦٥ ، تفسير القرطبي ، ج ٩ ، ص ٦٥١٨ ، وجاءت هذه القصّة مفصّلة أكثر في روح البيان ، ج ٩ ، ص ٤٤٦.
(٢) نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٢٩٢.