بحث
حضور الله سبحانه في كلّ نجوى :
تقدّم آنفا أنّ الله تعالى ليس جسما وليست له عوارض جسمانية ، ومن هنا فلا يمكن أن نتصوّر له زمانا أو مكانا ، ولكن توهّم أن يوجد مكان لا يكون لله عزوجل فيه حاضرا وناظرا يستلزم القول بتحديده سبحانه.
وبتعبير آخر فإنّ لله سبحانه إحاطة علمية بكلّ شيء في الوقت الذي لا يكون له مكان ، مضافا إلى أنّ ملائكته حاضرون في كلّ مكان ، ويسمعون كلّ الأقوال والأعمال ويسجّلونها.
لذا نقرأ في حديث لأمير المؤمنين عليهالسلام في تفسير هذه الآية أنّه قال : «إنّما أراد بذلك استيلاء أمنائه بالقدرة التي ركبها فيهم على جميع خلقه ، وإن فعلهم فعله» (١).
وطبيعي أنّ هذا هو بعد من أبعاد الموضوع ، وأمّا البعد الآخر فيطرح فيه حضور ذات الله عزوجل ، كما نقرأ في حديث آخر هو أنّ أحد كبار علماء النصارى سأل عن أمير المؤمنين عليهالسلام : أين الله؟ قال عليهالسلام : هو هاهنا وهاهنا وفوق وتحت ، ومحيط بنا ومعنا ، وهو قوله : (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ) (٢).
وفي الحديث المعروف (الإهليلجة) نقرأ عن الإمام الصادق عليهالسلام : إنّ الله تعالى سمّي «السميع» بسبب أنّه لا يتناجى ثلاثة أشخاص إلّا هو رابعهم ... ثمّ أضاف : يسمع دبيب النمل على الصفا وخفقان الطير في الهواء ، لا يخفى عليه خافية ، ولا شيء ممّا تدركه الأسماع والأبصار ، وما لا تدركه الأسماع والأبصار ، ما جلّ من ذلك وما دقّ وما صغر وما كبر (٣).
* * *
__________________
(١) نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٢٥٨ ، حديث ٢٠.
(٢) تفسير نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٢٥٩ ، الحديث ٢٣.
(٣) نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٢٥٨ ، حديث ٢١.