ولو سلّم (١) ، فلا ينافي ما ذكرناه (٢) ، لأنّه (٣) اسم معناه الوقت ، لا بدّ له من عامل ، وهو (٤) (قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ) بدلالة المعنى (٥) وإذا قدّم متعلّق الفعل وعطف فعل آخر
________________________________________
(١) أي ولو سلّم كون إذا شرطيّة غير ظرفيّة.
(٢) أي من لزوم الاختصاص بأن يكون استهزاء الله بهم مختصّا بحال خلوّهم إلى شياطينهم ، فيلزم ذلك أيضا عند كون إذا شرطيّة.
توضيح ذلك : أنّه لو سلّمنا شرطيّة إذا ، وعدم كون الظّرفيّة أصلا لها ، نقول : إنّها ولو كانت شرطيّة هي اسم فضلة يحتاج إلى عامل ، وهو هنا (قالُوا) لا الشّرط الّذي هو (خَلَوْا) إذ ليس المراد قطعا أنّ لهم وقتا يخلون فيه ، وإذا وقعت خلوتهم في ذلك الوقت ، نشأ عن ذلك قولهم في غير الخلوة أيضا ، لأنّهم منافقون ، وإنّما يقولون ما ذكر في الخلوة على ما هو معلوم من الخارج ، وإذا كان معمولا ل (خَلَوْا) وقد تقدّم عليه لشرطيّته ، أفاد بمفهومه أنّ القول ليس إلّا في وقت الخلوة ، فيلزم من العطف على (قالُوا) كون المعطوف مقيّدا بحكم المعطوف عليه بشهادة الذّوق والفحوى ، أي الاستعمال ، فإنّك إذا قلت : يوم الجمعة سرت وضربت زيدا على أنّ (ضربت) معطوف على (سرت) ، أفاد اختصاص الفعلين بالظّرف بخلاف ما إذا أخّر المعمول وقيل : سرت يوم الجمعة وضربت زيدا ، فلا يدّل على اشتراك الفعلين في الظّرف ، فضلا عن اختصاصهما به ، وهذا الجواب الثّاني محقّق لكون تقديم الشّرط يفيد الاختصاص نظرا لكونه معمولا كالظّرف.
(٣) أي إذا اسم معناه الوقت مع كونه شرطا.
(٤) أي العامل (قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ) أي الجزاء لا الشّرط الّذي هو (خَلَوْا) ، وهذا إنّما يصحّ على قول الجمهور : من أنّ العامل في إذا الشّرطيّة جوابها.
وأمّا على ما ذهب إليه الرّضي وأبو حيّان : من أنّ العامل فيها الشّرط ، فلا يتمّ ما ذكره من الجواب ، لأنّ (قالُوا) لم يتقدّم عليه معموله حينئذ ، فلا يتأتّى أن يقال : (قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ) تقدّم معموله فيؤذن تقدّمه بالاختصاص.
(٥) وهو أنّ قولهم مقيّد بوقت الخلوة ، لأنّهم منافقون ، وليس العامل (خَلَوْا) لعدم صحّة المعنى ، لأنّه ليس المراد أنّ لهم وقتا يخلون فيه ، وإذا وقعت خلوتهم فيه نشأ من ذلك قولهم في غير الخلوة أيضا ، وإنّما يقولون ما ذكر في الخلوة على ما هو معلوم من الخارج.