النّداء
[ومنها] أي من أنواع الطّلب [النّداء] وهو طلب الإقبال (١) بحرف نائب مناب أدعو (٢) لفظا أو تقديرا (٣) [وقد تستعمل صيغته] أي صيغة النّداء [في غير معناه] وهو طلب الإقبال [كالإغراء (٤) في قولك لمن أقبل (٥) يتظلّم : يا مظلوم] قصدا إلى إغرائه ، وحثّه على زيادة التّظلّم وبثّ الشّكوى ، لأنّ الإقبال حاصل [والاختصاص (٦)
________________________________________
الوليّ ، مع قوله تعالى : (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللهُ هُوَ الْوَلِيُ) لا يوجب أن تكون الفاء عاطفة تعليليّة في الآية ، كما في المثال المتّحد معها معنى ، والشّاهد على ذلك هو الذّوق ، والسّرّ في ذلك إنّ الاستفهام الإنكاريّ مآل معناه ومرجعه إلى عدم الانبغاء لا معناه الطّلبيّ ، فإنّه هو طلب حصول شيء في الذّهن ، وهذا لا يلائم الفاء التّعليليّة.
(١) أي طلب المتكلّم إقبال المخاطب حسّا ، أو معنى ، فالأوّل مثل يا زيد ، والثّاني نحو : يا جبال ، ويا سماء ، والمراد الطّلب اللّفظيّ ، لأنّه هو الّذي من أقسام الإنشاء.
(٢) أي ليس هذا الحرف بمعنى أقبل ، كما يتوهّم من قولهم : إنّه لطلب الإقبال ، بل هو نائب مناب أدعو ، وهذا هو السّرّ في عدم انجزام المضارع بعده بأن المضمرة ، ولو كان بمعنى أقبل لكان ذلك جائزا.
(٣) مثل : (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا).
(٤) وهو الحثّ والتّرغيب على لزوم الشّيء.
(٥) أي يظهر ظلم أحد عليه ، ويبثّ الشّكوى به ، فيا مظلوم ليس لطلب الإقبال ، أي ليس لطلب إقبال المتظلّم إليك ، لكونه حاصلا ، بل الغرض الإغراء ، أي حثّه على لزوم زيادة التّظلّم وكثرة الشّكوى.
(٦) وهو في الأصل قصر الشّيء على الشّيء ، وفي اصطلاح أئمّة العلوم العربيّة : تخصيص حكم علّق بضمير باسم ظاهر ، صورته صورة منادى ، أو معرّف بأل أو بالإضافة أو بالعلميّة ، كما في نحو : أنا أفعل كذا أيّها الرّجل ، ونحن العرب أسخى من بذل ، ونحن معاشر الأنبياء لا نورّث ، بنا تميما يكشف الضّباب.