فتنتزع (١) منها هيئة ، وتجعلها مشبّها أو مشبّها بها ، ولهذا (٢) صرّح صاحب المفتاح في تشبيه المركّب بالمركّب بأنّ كلا من المشبّه والمشبّه به هيئة منتزعة ، وكذا المراد بتركيب وجه الشّبه أن تعمد (٣) إلى عدّة أوصاف لشيء فتنتزع (٤) منها هيئة ، وليس المراد بالمركّب ههنا (٥) ما يكون حقيقة مركّبة من أجزاء مختلفة (٦) ، بدليل أنّهم يجعلون المشبّه والمشبّه به في قولنا : زيد كالأسد مفردين لا مركّبين (٧) ، ووجه الشّبه في قولنا : زيد كعمرو في الإنسانيّة واحدا (٨) لا منزّلا منزلة الواحد (٩) ، فالمركّب الحسّيّ [فيما] أي في التّشبيه الّذي [طرفاه مفردان كما في قوله (١٠) : وقد لاح (١١)
________________________________________
(١) أي أنت تنتزع منها هيئة هي غير موجودة في الخارج ، وحينئذ فمعنى كون الطّرفين اللّذين هما الهيئتان محسوسين أن تكون الهيئة منتزعة من أمور محسوسة.
(٢) أي لأجل أنّ المراد بالتّركيب هنا ما قلنا ، ترى صاحب المفتاح أنّه صرّح في التّشبيه المركّب بالمركّب بأنّ كلا من الطّرفين هيئة منتزعة.
(٣) أي تقصد إلى عدّة أوصاف لشيء ، فقوله : «أن تعمد إلى عدّة أوصاف» بيان للمراد بتركيب وجه الشّبه.
(٤) أي فأنت تنتزع من تلك الأوصاف هيئة ، فيكون وجه الشّبه هيئة منتزعة.
(٥) أي في الطّرفين ووجه الشّبه.
(٦) أي مثل حقيقة زيد الحسّيّة ، وهي ذاته ، فإنّها مركّبة من أجزاء مختلفة ، وهي أعضاؤه وحقيقته العقليّة ، وهي ماهيّته ، فإنّها مركّبة من أجزاء مختلفة ، وهي الحيوانيّة والنّاطقيّة.
(٧) مع أنّ زيدا فيه حيوإنيّة وناطقيّة وتشخّص ، والأسد فيه الحيوإنيّة والافتراس ، فلو أريد بالمركّب ما يكون حقيقة مركّبة من أجزاء مختلفة لا يصحّ جعل هذين مفردين.
(٨) أي مع أنّ الإنسانيّة مركّبة من الجنس والفصل.
(٩) وإن كانت الإنسانيّة مركّبة من أمور مختلفة كما عرفت.
(١٠) أي قول أحينحة بالهمزة المضمومة والحائين المفتوحتين بينهما ياء ساكنة ، أو قيس بن الأسلت.
(١١) لاح بالحاء المهملة ، ماض بمعنى ظهر ، «الثّريّا» ستة أنجم ظاهرة ، وواحد خفيّ «ترى» مخاطب من الرّؤيّة «العنقود» بالعين والدّال المهملتين بينهما نون وقاف ، كمنصور قسم من