على طريق يوصل إلى المطلوب ، [واستطابة النّفس (١) في تشبيه (٢) وجود الشّيء العديم النّفع بعدمه] فيما طرفاه عقليّان ، إذ الوجود والعدم من الأمور العقليّة (٣) ، [و] تشبيه [الرّجل الشّجاع بالأسد (٤)] فيما طرفاه (٥) حسّيّان ، [و] تشبيه [العلم بالنّور (٦)] ، فيما المشبّه عقلي والمشبّه به حسّيّ ، فبالعلم يوصل إلى المطلوب (٧) ،
________________________________________
العلم يفرّق بين الحق والباطل ، ويوصل إلى المطلوب الّذي هو الحق ، كما أنّ النّور يفرّق بين الأشيّاء ، ويوصل إلى ما هو المطلوب منها.
(١) «استطابة» مصدر مضاف إلى الفاعل ، يقال استطاب النّفس الشّيء ، أي وجده طيّبا.
(٢) أي الظّرف متعلّق بالظّرف السّابق الّذي هو خبر للواحد العقلي ، أعني قوله : «كالعراء عن الفائدة».
ومعنى العبارة : والواحد العقلي كالعراء عن الفائدة في تشبيه وجود الشّيء العديم النّفع بعدمه ، أي تشبيه وجود ما لا نفع له بعدمه ، مثلا يقال لرجل مجنون : وجوده كعدمه في العراء عن الفائدة.
(٣) أي ضرورة أنّ الوجود والعدم ليسا من الأشياء المدركة بإحدى الحواسّ الظّاهرة ، فهما من الأمور العقليّة.
(٤) أي بأن يقال : زيد كالأسد مثلا في الجرأة.
(٥) أي الرّجل الشّجاع والأسد من الأمور الحسّيّة.
(٦) أي بأن يقال العلم كالنّور في الهداية به.
(٧) أي وهو السّلامة في الدّنيّا والآخرة ، وذلك لأنّه يدلّ على الحقّ ، ويفرّق بينه وبين الباطل ، فإذا اتّبع الحقّ وصل إلى المطلوب الّذي هو السّلامة في الدّارين ، وكذلك النّور يفرّق ويميّز بين طريقي السّلامة والهلاك ، فإذا سلك الطّريق الأوّل حصل المطلوب الّذي هو السّلامة ، فقد ظهر أنّ كلا من العلم والنّور يدلّ على أنّ الطّريق الموصل إلى المطلوب ، وتلك الدّلالة هي الهداية ، فصحيح أن يقال : العلم كالنّور في الهداية.