قائمة الکتاب
تعريف الوجداني
٣٥٣
إعدادات
دروس في البلاغة [ ج ٣ ]
دروس في البلاغة [ ج ٣ ]
تحمیل
ويسمّى وجدانيّا (١) [كاللذّة (٢)] وهي إدراك ونيل (٣) لما هو عند (٤) المدرك كمال وخير من حيث هو كذلك [والألم] وهو إدراك ونيل لما هو عند المدرك آفة وشرّ (٥)
________________________________________
(١) وتسمّى كلّ واحدة من تلك القوى وجدانا ، والمدركات بها وجدانيّات.
(٢) هذا وما بعده مثال لما تدركه النّفس بسبب الوجدان.
(٣) أي للمدرك بالفتح ، والمراد بنيله حصوله ، والتّكيّف بصفته ، وإنّما جمع بين الأمرين ، أي الإدراك والنّيل ، ولم يقتصر على أحدهما ، لأنّ اللذّة لا تحصل بمجرّد إدراك اللذّيذ ، بل لا بدّ من حصوله للمستلذّ بالكسر ، وهو القوّة الذّائقة ، أو قوّة اللّمس أو غيرهما ، وأمّا ما يحصل عند تصوّر المرأة الحسناء ، أو الشّيء الحلوّ ، فذاك تخييل للذّة لا أنّه عين اللذّة ، ولم يكتف بالنّيل عن الإدراك ، لأنّ مجرّد النّيل من غير إحساس وشعور بالمدرك ، لا يكون التذاذا ، والواو في قوله : ونيل بمعنى مع.
(٤) إنّما قيّد بذلك ، لأنّ المعتبر كماليّته وخيريّته بالقياس إلى المدرك لا بالنّسبة لنفس الأمر ، لأنّه قد يعتقد الكماليّة والخيريّة في شيء فيلتذّ به ، وإن لم يكونا فيه ، وقد لا يعتقدهما فيما تحقّقتا فيه ، فلا يلتذّ به كإدراك الدّواء النّافع مهلكا ، فهذا ألم لا لذّة وقوله : «عند المدرك» متعلّق بكمال ، وخبر قوله : «من حيث كذلك» أي كمال وخير.
ثمّ قوله : «إدراك» جنس يشتمل سائر الإدراكات الحسّيّة والعقليّة ، وقوله مصاحب لنيل ، أعني «ونيل» فصل يميّز اللذّة عن الإدراك الّذي لا يجامع نيل المدرك ، أعني مجرّد تصوّر المدرك ، فإنّه لا يكون من باب اللذّة لما علمت من أنّ تصوّر المدرك لا يكون لذّة ، إلّا إذا كان معه نيل للمدرك ، أي اتّصال به وتكيّف بصفته تكيّفا حسّيّا ، كنيل القوّة الذّائقة ، فإذا وضع الشّيء الحلو على اللسان تكيّفت القوّة الذّائقة بصفته ، وهي الحلاوة ثمّ تدرك النّفس ذلك التكيّف ، فهذا الإدراك يقال له : لذّة حسّيّة ، تلك اللّذة الّتي هي الإدراك المذكور تحصل في النّفس بسبب القوى الباطنيّة المسمّاة بالوجدان ، أو كان التّكيّف عقليّا ، كنيل النّفس لشرف العلم ، فالقوّة العاقلة تدرك شرف العلم وتتكيّف به ، وتدرك ذلك التّكيّف وإدراكها لذلك التّكيّف ، يقال له لذّة عقليّة ، ولا يتوقّف إدراكها لذلك التكيّف على وجدان ، بل تدركه بنفسها.
(٥) لا يخفى عليك الفرق بين مفاد قيود اللذّة والألم ، وملخّص الفرق أنّ اللذّة إدراك الملائم من حيث هو ملائم ، والألم إدراك المنافر من حيث هو منافر ، ومن هنا يظهر أنّ كلا من