والشّقيق ورد أحمر في وسطه سواد ينبت بالجبال [إذا تصوّب] أي مال إلى السّفل [أو تصعّد] أي مال إلى العلوّ [أعلام ياقوت نشرن على رماح من زبرجد (١)] فإنّ كلا من العلم والياقوت والرّمح والزّبرجد محسوس ، لكن المركّب الّذي هذه الأمور مادّته ليس بمحسوس ، لأنّه ليس بموجود والحسّ لا يدرك إلّا ما هو موجود في المادّة (٢) حاضر
________________________________________
فالمشبّه ههنا هو الصّورة المحسوسة من الشّقيق الأحمر ، والمشبّه به هو الصّورة الخياليّة المركّبة من هذه الأشياء المحسوسة المعدومة في الخارج ، فيكون من تشبيه صورة المحسوسة بصورة الخيال المعدوم
(١) توضيح قول الشّاعر : «الشّقيق» بالشّين المعجمة والقافين كرفيق هو الشّقائق ، قال في الصّحاح : شقائق النّعمان نبت معروف ، واحده وجمعه سواء انتهى وإضافته إلى النّعمان في قولهم : شقائق لأنّه كان كثيرا في أرض كان يحميها النّعمان ، وهو ملك من ملوك الحيرة.
وقيل : وجه إضافته إليه أنّ النّعمان اسم للدّم ، والشّقيق تشابهه في اللّون ، فالإضافة إذا تشبيهيّة ، أي من إضافة المشبّه إلى المشبّه به عكس لجين الماء «إذا» ظرف زمان عامله كأنّ لكونه متضمّنا لمعنى التّشبيه ، «تصوّب» بالصّاد المهملة والواو المشدّدة والموحّدة بمعنى مال إلى السّفل ، «تصعّد» ماض من الصّعود بمعنى مال إلى العلوّ ، وإنّما قيّد المشبّه بهذا القيد ، لأنّ أوراق الشّقائق ليست على هيئة العلم من غير الميل إلى السّفل والعلوّ «أعلام» جمع علم ، وهو كقلم بمعنى الرّاية ، «نشرن» مجهول من النّشر ، وهو خلاف الطّي ، «الرّماح» ككتاب جمع الرّمح وهي القناة ، «زبرجد» حجر أخضر من المعادن النّفيسة ، وكذلك ياقوت ، وإضافة أعلام إليه بيانيّة.
والشّاهد في البيت : كون المشبّه به فيه أمرا خياليّا منتزعا من أجزاء كثيرة كلّها محسوسة على فرض وجودها ، إلّا أنّها غير موجودة في الخارج ، فلا تكون مدركة بالحسّ فإنّ الأعلام الياقوتيّة المنشورة على الرّماح الزّبرجديّة ممّا لا يدركه الحسّ لعدم وجوده في الخارج ، فيكون أمرا خياليّا داخلا في الحسّي باعتبار كون المادّة حسّيّة على فرض وجودها في الخارج ، فالمشبّه هنا مفرد حسّي ، والمشبّه به مركّب خيالي.
(٢) أي إلّا المركّب الموجود مع مادّته.