لأنّه (١) عدم البصر عمّا من شأنّه أن يكون بصيرا. مع التّنافي (٢) بينهما في الخارج ، ومن (٣) نازع في اشتراط اللزّوم الذّهني فكأنّه أراد باللزّوم اللزّوم البيّن ، بمعنى عدم انفكاك تعقّله عن تعقّل المسمّى ، والمصنّف أشار إلى أنّه ليس المراد باللزّوم الذّهني اللزّوم البيّن (٤) المعتبر عند المنطقيّين ، بقوله : [ولو لا اعتقاد المخاطب بعرف (٥)] أي ولو كان ذلك اللّزوم مما يثبته اعتقاد المخاطب بسبب (٦)
________________________________________
(١) أي لأنّ معنى العمى عدم البصر ... ، فهو عدم مقيّد بالبصر ، لا أنّ البصر جزء من مفهومه ، حتّى تكون دلالته على البصر تضمّنيّة.
(٢) أي مع التّعاند والتّضادّ بين البصر والعمى في الخارج ، فلو قلنا باشتراط اللزّوم لخرج هذا المثال عن كونه مدلولا التزاميّا ، مع أنّ المقصود دخوله فيه.
(٣) وهو ابن الحاجب ، حيث خالف في اشتراط اللزّوم الذّهني أي قال بعدم اشتراط اللزّوم الذّهني ، فإنّه قال في مختصره الأصولي ما هذا لفظه : ودلالته الوضعيّة على كمال معناه مطابقيّة ، وعلى جزئه تضمّنيّة ، وغير الوضعيّة التزام.
وكيف كان فأراد الشّارح أن يجمع بين كلام المصنّف وكلام ابن الحاجب بقوله : «فكأنّه» أي ابن الحاجب أراد باللزّوم المنفيّ اللزّوم البيّن ، والمصنّف أراد باللزّوم المعتبر في دلالة الالتزام اللزّوم الغير البيّن ، فلا خلاف بينهما.
وبعبارة أخرى إنّ مراد ابن الحاجب باللزّوم الذّهني المنفي اشتراطه في دلالة الالتزام هو خصوص الذّهني البيّن بالمعنى الأخصّ ، وهذا لا ينافي ما ذكره المصنّف من اشتراط اللزّوم الذّهني مطلقا ، فاللزّوم الذّهني لا بدّ منه بلا نزاع.
(٤) أي البيّن بالمعنى الأخصّ فقطّ المعتبر عند المنطقيّين ، أي ليس هذا مراده ، بل مراده ما يشمل البيّن وغيره ، وإليه أشار بقوله : «ولو لا اعتقاد المخاطب بعرف».
(٥) أي لا يجب في اللزّوم الذّهني أن يكون عقليّا كلزوم البصر للعمى ، والزّوجيّة للأربعة ، بل يكفي وإن كان من جهة اعتقاد المخاطب لذلك اللزّوم «بعرف» أي بسببه.
(٦) اعترض بأن اعتقاد المخاطب متعلّق باللزّوم لا مثبت له ، والمثبت له إنّما عقله ، إذ المخاطب يثبت أوّلا بعقله من أجل العرف أو غيره اللزّوم ، ثمّ يعتقده ، ويلتزم به ، فكان الأولى أن يقول : مما يثبته عقل المخاطب.