وقول الحماسي :]
[وننكر إن شئنا على النّاس قولهم |
|
ولا ينكرون القول حين نقول (١)] |
يصف رياستهم ونفاذ حكمهم ، أي نحن نغيّر ما نريد (٢) من قول غيرنا وأحد لا يجسر على الاعتراض علينا ، فالآية إيجاز بالنّسبة إلى البيت ، وإنّما قال : يقرب (٣) ، لأنّ ما (٤) في الآية يشمل كلّ فعل ، والبيت مختصّ بالقول ، فالكلامان لا يتساويان في أصل المعنى ، بل (٥) كلام الله سبحانه وتعالى أجلّ وأعلى ، وكيف لا والله أعلم (٦). تمّ الفنّ الأوّل بعون الله وتوفيقه ، وإيّاه أسأل في إتمام الفنّين الآخرين هداية طريقه.
________________________________________
(١) «ننكر» متكلّم مع الغير من الإنكار ، بمعنى عدم القبول ، «شئنا» متكلّم مع الغير من المشيّة ، والمعنى : نحن ننكر إن أردنا على النّاس قولهم ، ولا يقدرون أن ينكروا أقوالنا أصلا ، يصف الشّاعر رئاستهم ، ونفاذ حكمهم ، ورجوع النّاس في المهمّات إلى رأيهم.
والشّاهد في هذا البيت : كونه أكثر حروفا من الآية مع كونه قريبا منها في المعنى.
(٢) أي نحن نتجاسر على غيرنا ، ونردّ قوله ، بحيث لا ينفذ ولو لم يظهر موجب لتغييرنا ، وذلك لتمام رئاستنا وحكمنا عليهم.
(٣) أي ولو لم يقل : ومنه قوله تعالى ، وقوله : «لأنّ» علّة لمحذوف ، أي لعدم تساوي الآية والبيت في تمام أصل المعنى.
(٤) أي لأنّ ما في الآية (لا يُسْئَلُ عَمَّا) مصدريّة ، أي لا يسأل عن فعله ، والمراد بالفعل ما يشمل القول بدليل قوله بعد ذلك ، والبيت مختصّ بالقول ، فاندفع ما يقال : إذا كان البيت قاصرا على القول ، والآية قاصرة على الفعل فلا قرب بينهما.
(٥) إضراب على ما يتوهّم من قربهما في المعنى من اتّفاقهما في العلو والبلاغة ، وإنّما كان كلام الله المذكور أبلغ ، لأنّ الموجود في الآية نفي السّؤال ، وفي البيت نفي الإنكار ، ونفي السّؤال أبلغ لأنّه إذا كان لا ينكر ، ولو بلفظ السّؤال ، فكيف ينكر جهارا ، بخلاف الإنكار ، فقد يكون هو المتروك دون الإنكار.
(٦) أي كيف لا يكون كلام الله أجلّ وأعلى من غيره ، والحال أنّ الله أعلم بكلّ شيء ، ومن شان العالم الحكيم أن يأتي بالشّيء على أبلغ وجه.
تمّ الفنّ الأوّل بعون الله وتوفيقه ، وإيّاه أسأل في إتمام الفنّين الآخرين هداية طريقه.