[بمستبق (١) أخا لا تلمه] حال من (٢) أخا لعمومه ، أو من ضمير المخاطب (٣) في لست [على (٤) شعث] أي تفرّق وذميم (٥) خصال ، فهذا الكلام دلّ (٦) بمفهومه على نفي الكامل من الرّجال ، وقد أكّده بقوله : [أي الرّجال المهذّب] استفهام بمعنى الإنكار ، أي ليس في الرّجال منقّح الفعال (٧) ، مرضيّ الخصال.
________________________________________
(١) الباء زائدة ، وكذلك السّين والتّاء ، وكان في الأصل لست مبق لك مودة أخ ، تلمه : مضارع من اللّم ، بمعنى الجمع والإصلاح الشّعث بمعنى التّفرق والمراد به هنا العيب ، والمعنى لست بمبق أيها النّعمان محبّة مصاحب لا تضمّه إليك مع عيبه ، بل تبعده عنك لعدم رضاك بعيوبه وصفاته الذّميمة ، والشّاهد في قوله : «أي الرّجال المهذّب» حيث أوتي به تأكيدا لما يستفاد من الأوّل التزاما ، أي الكامل من الرّجال.
(٢) قوله : «لا تلمه» ، حال من «أخاه» لعمومه ، أي أخا لوقوعه في سياق النّفي فيسوغ منه مجيء الحال إن كان نكرة. والمعنى : لست بمبق مودّة أخ ، حال كونه غير مضموم إليك مع عيبه.
(٣) فيكون المعنى : لست بمبق محبّة أخ ، حال كونك غير ضام له إليك مع عيبه.
(٤) أي على بمعنى مع.
(٥) عطف تفسير على قوله : «تفرّق» وإضافة ذميم إلى خصال من قبيل إضافة الصّفة إلى الموصوف ، أي الخصال الذّميمة ، وتوضيح ذلك أنّ الشّعث في الأصل بمعنى انتشار الشّعر ، وتغيّره لقلّة تعهّده بالتّسريح والدّهن فتكثر أوساخه ، ثمّ استعمل في لازمه ، وهو الأوساخ الحسّيّة بعلاقة المجاورة ، ثمّ استعير اللّفظ المجازي للألفاظ المعنويّة ، وهي الخصال الذّميمة بجامع القبح فهو استعارة منسبكة عن المجاز المرسل.
(٦) لأنّ معنى البيت ، أنّك إذا لم تضم أخا إليك في حال عيبه ، لم يبق لك أخ في الدّنيا ، ولا يعاشرك أحد من النّاس ، لأنّه ليس في الرّجال أحد مهذّب ، منقّح الفعال ، مرضيّ الخصال ، ولا شكّ أنّ شطر الأوّل يدلّ بحسب ما يفهم منه على نفي الكامل من الرّجال ، فقوله بعد ذلك ، أي الرّجال المهذّب تأكيدا لذلك المفهوم ، لأنّه في معنى قولك ليس في الرّجال مهذّب.
(٧) الفعال بالفتح يستعمل في الأفعال الحميدة ، وبالكسر في الأفعال القبيحة.