[للتّنبيه على فضله (١)] أي مزيّة الخاصّ [حتّى كأنّه ليس من جنسه] أي العامّ [تنزيلا للتّغاير في الوصف منزلة التّغاير في الذّاتّ] يعني (٢) أنّه (٣) لمّا امتاز عن سائر أفراد العامّ بما له من الأوصاف الشّريفة (٤) جعل كأنّه شيء آخر مغاير للعامّ لا يشمله العامّ ، ولا يعرف حكمه منه (٥) [نحو : (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى)(١) (٦)] أي
________________________________________
ليس في الذّكر بطريق العطف إيضاح بعد إبهام.
والحاصل : إنّ التّقييد هنا للاحتراز عن ذكر الخاصّ بعد العامّ لا على سبيل العطف ، فإنّ هذا من قبيل الإيضاح بعد الإبهام ، بخلاف ذكره بعده على سبيل العطف ، فإنّه ليس من هذا القبيل ، بل للتّنبيه على جلالة الخاصّ كما ذكره الشّارح ، فيكون ذكر الخاصّ فيه ، لأجل تلك النّكتة.
(١) أي فضل الخاصّ ، وذلك لأنّ ذكره منفردا بعد دخوله فيما قبله ، إنّما يكون لمزيّة فيه ، ثمّ إنّ التّنبيه على الفضل إنّما يكون مع العطف ، ووجهه أنّه مع الوصف ، أو الإبدال يكون ذلك الخاصّ ، هو المراد من العامّ ، فليس في ذكره بعد أفراد العامّ تنبيه على فضله ، ألا ترى أنّ المجيء في قولنا : جاءني القوم العلماء ، وقولنا : جاءني القوم زيدون ، ثابت بحسب المتفاهم العرفيّ للخاصّ دون غيره ، فعليه ذكره بعده ممّا لا بدّ منه ، إذ لو لم يذكر لأفاد الكلام العموم الّذي ليس بمقصود ، وما كان كذلك لا يحتاج إلى نكتة ، فلا يكون ذكر الخاصّ بعد العامّ لنكتة بخلاف ذكره بعده على سبيل العطف ، حيث تكون النّكتة فيه ، هي التّنبيه على مزيّة الخاصّ.
(٢) تفسير لقوله : «تنزيلا للتّغاير».
(٣) أي الخاصّ ، لمّا امتاز عن سائر الأفراد بالأوصاف الشّريفة جعل ، كأنّه شيء مغاير للعامّ ومباين له.
(٤) لعلّ التّقييد بالشّريفة نظرا للمثال أو الغالب ، وإلّا فقد تكون الأوصاف خبيثة ، نحو : لعن الله الكافرين ، وأبا جهل.
(٥) أي ولذلك صحّ ذكره على سبيل العطف المقتضي للتّغاير.
(٦) والشّاهد في الآية كونها مشتملة على الإطناب بذكر الخاصّ بعد العامّ بطريق العطف ،
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٣٨.