نحو : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ)(١) (١)] فالعقل (٢) دلّ على أنّ هنا حذفا (٣) ، إذ الأحكام الشّرعيّة إنّما تتعلّق بالأفعال (٤) دون الأعيان (٥) ، والمقصود الأظهر من هذه الأشياء المذكورة في الآية (٦) تناولها (٧) الشّامل للأكل وشرب الألبان ، فدلّ على تعيين المحذوف.
________________________________________
(١) والشّاهد في الآية :
كونها من قبيل إيجاز الحذف لمكان حذف المضاف وهو تناول ، وكان في الأصل : حرّمت عليكم تناول الميتة ، والدّليل على أصل الحذف هو العقل ، لأنّه يدرك بأنّ الحرمة لا تتعلّق بالأعيان ، لأنّ الحرمة عبارة عن طلب التّرك مع المنع من الفعل ، ولا معنى لطلب ترك الأعيان بدون ملاحظة تصرّفها ، والدّليل على التّعيين كون التّناول هو المقصود الأظهر ، فإنّ المتبادر عرفا من حرّمت الميتة هو التّناول ، والأكل ، كما أنّ المتبادر من حرّمت الخمر ، الشّرب ، ومن حرّمت الأمّهات النّكاح ، وبهذا التّقرير علم أنّ العقل ليس بنفس الدّليل ، بل إنّما هو مدرك لما يكون دليلا على الحذف ، وهو في المقام عدم تصوّر تعلّق الحرمة بالأعيان ، فإنّ الأحكام الشّرعيّة متعلّقة بأفعال المكلّفين لا بالأعيان الخارجيّة.
(٢) ظاهر هذا الكلام أنّ العقل هو الدّالّ على الحذف ، وليس كذلك ، بل المراد بكون العقل دالّا على الحذف ، أنّه مدرك لذلك بالدّليل القاطع ، والدّليل هو عدم تصوّر تعلّق الحرمة بالأعيان كما سبق.
(٣) أي شيئا محذوفا ، وهو محتمل لأن يقدّر حرّم عليكم أكلها ، أو الانتفاع بها ، أو تناولها أو التّلبّس بها.
(٤) أي أفعال المكلّفين وهو الحقّ ، إذ لا معنى لتعلّق التّكليف بالذّواتّ لعدم القدرة عليها.
(٥) أي دون الذّواتّ كما هو ظاهر الآية ، فإنّ مدلولها تحريم ذوات الميتة.
(٦) وهي الميتة والدّم ولحم الخنزير.
(٧) أي تناول الأشياء المذكورة في الآية إنّما كان التّناول هو المقصود الأظهر من هذه الأشياء نظرا للعرف والعادة في استعمال هذا الكلام ، فإنّ المفهوم عرفا من قول القائل : حرّم عليهم كذا ، تحريم تناوله ، لأنّه أشمل وأدلّ على المقصود بالتّحريم.
__________________
(١) سورة المائدة : ٤.