مجرى عرفهم في تأدية المعنى] عند (١) المعاملات والمحاورات [وهو] أي هذا الكلام (٢) [لا يحمد] من الأوساط [في باب البلاغة] لعدم رعاية مقتضيات الأحوال (٣) [ولا يذمّ] أيضا (٤)
________________________________________
للموصوف ، فالمعنى حينئذ ، أي كلامهم على حسب عادتهم الجارية في تأدية المعنى ، وإنّما تعرّض ذلك للإشارة إلى أنّه ليس المراد بتعارفهم هنا المتعارف في الطّعام واللّباس ونحوهما ، بل المتعارف في الكلام عند المعاملات.
(١) الظّرف متعلّق بمحذوف ، أي في تأدية المعاني الّتي تعرض لهم الحاجة إلى إبرازها عند المعاملات أو عند غيرها من الأغراض الّتي يسوق لأجلها الكلام ، كالكلام المسوق لغرض مدح شخص أو ذمّه.
(٢) أي المتعارف بين الأوساط ، فهذا زيادة في البيان والإيضاح للمتعارف.
فمعنى العبارة حينئذ ، أي هذا الكلام يعني كلام الأوساط الجاري في عرفهم وعادتهم في تأدية المعاني المقصودة ، وإن حمد في باب المعاملة والمحاورة العرفيّة لوجود رعاية مقتضيات العرف والعادة ، لكنّه لا يحمد في باب الفصاحة والبلاغة لعدم رعاية مقتضيات الأحوال والمقامات ، أي هذا الكلام محمود من الأوساط في باب المعاملة ، ومذموم من البلغاء في باب البلاغة.
والحاصل إنّ كلام الأوساط بين عدم المدح وعدم الذّمّ ، كما أنّ أنفسهم بين أهل البلاغة وأهل الفهاهة ، فلم يكونوا من أهل البلاغة حتّى يمدح كلامهم ، ولم يكونوا من أهل الفهاهة حتّى يذمّ ، وأما ما ذكرنا من أنّه بين المدح والذّمّ ، فإنّما هو باعتبار رتبتهم ورتبة أهل البلاغة.
وقيل إنّ قوله : «لا يحمد» إلى قوله : «لا يذمّ» دفع لما ربّما يقال : إنّ متعارف الأوساط غير بليغ فهو مذموم ، فيكون البناء في هذه العناوين الثّلاثة على ما هو مذموم ، ولازم ذلك كون المساوي له مذموما ، وليس الأمر كذلك ، وحاصل الجواب إنّ متعارف الأوساط كما أنّه غير محمود غير مذموم ، فلا يكون لما ذكر مجال.
(٣) أي اللّطائف والاعتبارات حيث إنّ الأوساط لا يقتدرون على رعايتها.
(٤) أي كما لا يحمد ، وقيّد بقوله : «منهم» للاحتراز عن البلغاء ، فإنّ كلام الأوساط على تقدير صدوره منهم يذمّ ، ولا يذمّ على تقدير صدوره من الأوساط.