لدخول حرف (١) على المبتدأ] يحصل بذلك الحرف نوع من الارتباط (٢) [كقوله (٣) :
فقلت عسى أن تبصريني كأنّما |
|
بنيّ حواليّ الأسود الحوارد] |
________________________________________
(١) أي غير الواو مثل كأنّ ، كما في البيت الآتي.
(٢) هذا إشارة إلى أنّ علّة حسن ترك الواو هي أنّ دخول الحرف يحصل به نوع من الارتباط ، فأغنى عن الواو ، وعلّله بعضهم بكراهة اجتماع حرفين زائدين عن أصل الجملة ، وقد استحسن هذا التّعليل غير واحد مستدلا بأنّ ما ذكره الشّارح من التّعليل إنّما يجري في بعض الحروف الّتي تفيد الارتباط ، كتشبيه ما قبلها بما بعدها في (كأنّ) مثلا أو تعليل ما قبلها بما بعدها ، ولا يظهر في غيره مع حسن التّرك مع غيره أيضا كلا التّبرئة في قوله تعالى : (وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ)(١) ، وكان في قوله تعالى : (إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ)(٢).
يمكن أن يقال إنّ ترك الواو في الآية الثّانية لمكان إلّا ، وهي لا تدخل غالبا في المفرد ، فالجملة الحاليّة بعدها مؤوّلة بالمفرد.
(٣) أي الفرزدق أنشد هذا عندما عيّرته امرأته بأنّه ليس له ولد ، فهو يخاطب امرأته ويقول لها : لا تلوميني في ذلك ، عسى أن تشاهديني ، والحال أنّ أولادي على يميني ويساري ينصروني كالأسود الحوارد ، أي الغضبان ، وقيّد بالغضبان لأنّ أهيب ما يكون الأسد إذا غضب.
وتوضيح ذلك : أنّ قوله : «تبصريني» ، مضارع من الإبصار ، والخطاب فيه لامرأته ، «بني» جمع ابن ، أصله بنون لي ، حذفت النّون للإضافة واللّام للتّخفيف ، فصار بنوي ، اجتمعت الواو والياء ، وسبقت إحداهما بالسّكون قلبت الواو ياء والضّمّة كسرة لمناسبة الياء ، ثمّ أدغمت الياء في الياء ، كما قيل في مسلميّ. «حواليّ» بتشديد الياء بمعنى جوانبي ، «الحوارد» جمع حارد من الحرد ، وهو بالحاء والرّاء والدّال المهملات كفرس بمعنى الغضب ، والشّاهد في قوله : «كأنّما بنيّ حوالي ...» حيث وقع حالا عن مفعول «تبصريني» من دون الواو لمكان كأنّ.
__________________
(١) سورة الرّعد : ٤١.
(٢) سورة الفرقان : ٢٠.