للتّقرير والإنكار لكن لا تجرى فيه هذه التّفاصيل ، ولا يكثر كثرة الهمزة ، فلذا لم يبحث عنه [ومنه] أي من مجيء الهمزة للإنكار نحو : [(أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ)(١) أي الله كاف عبده (١) ، لأنّ إنكار النّفي نفي له (٢) ، ونفي النّفي إثبات (٣) ، وهذا] المعنى [مراد من قال : الهمزة فيه (٤) للتّقرير ، أي] لحمل المخاطب على الإقرار [بما (٥) دخله النّفي] وهو الله كاف [لا بالنّفي (٦)] وهو ليس الله بكاف ، فالتّقرير لا يجب أن
________________________________________
(١) أي فليس المراد به الاستفهام ، بل المراد إنكار ما دخلت عليه الهمزة ، وهو عدم الكفاية ، فيكون المراد الإثبات ، فلذا قال المصنّف : «أي الله كاف عبده» ، فإنكار النّفي ليس مقصودا بالذّاتّ ، بل وسيلة للإثبات على أبلغ وجه ، وهذا الكلام ردّ على من يتوهّم من الكفرة أنّ الله تعالى ليس بكاف عبده.
(٢) أي لنفي ، وهذه مقدّمة صغرى ، والكبرى المذكورة في المتن ومجموعهما دليل على ما ذكر من أنّ المراد من الآية الإثبات.
(٣) أي إثبات للمنفيّ ، وإنّما كان كذلك ، لأنّه لا واسطة بينهما ، فحيث انتفى أحدهما ثبت الآخر.
(٤) أي في هذا التّركيب ، وهو (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ) للتّقرير.
(٥) متعلّق للتّقرير.
(٦) عطف على قوله : «بما دخله» أي الهمزة في التّركيب لتقرير مدخول النّفي ، وهو الله كاف ، لا تقرير النّفي ، فلا تقرير بالنّفي ، وهو ليس الله بكاف ، ويصحّ أن يقال : إنّ الهمزة في التّركيب المذكور للإنكار ، والحاصل : إنّه قد يقال : إنّ الهمزة للإنكار ، وقد يقال : إنّها للتّقرير وكلاهما حسن ، ومن هنا علم أنّ التّقرير ليس يجب أن يكون بما دخلت عليه الهمزة ، بل بما يعرفه المخاطب من الكلام الّذي دخلت عليه الهمزة من إثبات ، كما في آية : (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ) أو نفي كما في آية : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ ..). ، ومن هذا تعلم أنّ شرط المصنّف فيما سبق إيلاء المقرّر به الهمزة ليس كلّيّا ، بل مختصّ بما إذا أريد التّقرير بمفرد من فعل أو فاعل أو مفعول ، وأمّا إذا أريد التّقرير بالحكم ، فلا يكون بما دخلت عليه الهمزة ، بل بما يعرف المخاطب من ذلك الحكم الّذي اشتمل عليه الكلام الّذي فيه الهمزة ، وإن لم يكن واليا لها.
__________________
(١) سورة الزّمر : ٣٦.