وقد خفي هذا (١) على كثير من النّاس ، فاعترضوا بأنّ السّواد والبياض مثلا من المحسوسات دون الوهميّات (٢). وأجابوا (٣) بأنّ الجامع كون كلّ منهما مضادّا للآخر ، وهذا (٤) معنى جزئيّ لا يدركه إلّا الوهم.
________________________________________
الكلّي جامعا إلى الخيال ، وإن كان يصحّ أن ينسب إلى العقل أيضا ، إلّا أنّ الأولى نسبته إلى الخيال ، وكذلك فيما إذا كان المتقارنان من المعاني الجزئيّة أو من الصّور ، فإنّ التّقارن على كلا التّقديرين معنى جزئيّ يدركه الوهم ، إلّا أنّه ينتزع المعنيان الجزئيّان كصداقة زيد وعداوة عمرو ، عمّا في الخيال من صورة زيد وصورة عمرو ، وكذلك ينتزع تقارن هذين المعنيين من تقارن هاتين الصّورتين فناسب أن ينسب التّقارن إلى الخيال في مرحلة عدّه من الجوامع ، إذ لو قطع الوهم نظره عن منشأ الانتزاع ، لما يرى شيئا جامعا بين المعنيين ، وهذا إذا كان المتقارنان من المعاني الجزئيّة.
وأمّا إذا كانا من الصّور ، فالأولى أن ينسب تقارنهما إلى الخيال في مرحلة الجامعيّة حيث إنّ متعلّقه حينئذ الصّور الكائنة في الخيال لا المعاني هذا ما يستفاد من مطاوي كلمات الشّارح.
(١) أي عدم كون المراد بالجامع العقليّ ما يدرك بالعقل وبالوهميّ ما يدرك بالوهم ، وبالخياليّ ما يدرك بالخيال ، أي خفي هذا على كثير من النّاس ، فاعتقدوا أنّ الجامع العقليّ هو ما يدرك بالعقل ، والجامع الوهميّ هو ما يدرك بالوهم ، والجامع الخياليّ ما يدرك بالخيال ، «فاعترضوا بأنّ السّوادّ والبياض مثلا من المحسوسات دون الوهميّات».
(٢) أي وحينئذ فمقتضاه أن يكون الجامع بينهما خياليّا ، لأنّ الخيال يدركهما بعد إدراك الحسّ المشترك ، فكيف يجعلهما المصنّف من الوهميّات ، ويجعل الجامع بينهما وهميّا ، مع أنّ الوهم إنّما يدرك المعاني الجزئيّة.
(٣) عطف على «اعترضوا» أي الّذين اعترضوا أجابوا عن اعتراضهم «بأنّ الجامع» بينهما هو «كون كلّ منهما» أي السّواد والبياض مضادّا للآخر.
(٤) أي كون كلّ منهما مضادّا للآخر «معنى جزئيّ لا يدركه إلّا الوهم» ، فصحّ ما صنعه المصنّف حيث جعل الجامع بينهما وهميّا.