مجيئه به (١) بالضّرورة (٢) أعني (٣) قبول النّفس لذلك ، والإذعان له (٤) على ما هو تفسير التّصديق في المنطق عند المحقّقين (٥) مع الإقرار به (٦) باللّسان ، والكفر عدم الإيمان عمّا من شأنه الإيمان (٧) وقد يقال : الكفر إنكار شيء من ذلك (٨) ، فيكون
________________________________________
فمن لم يجحد ولم يصدّق بما جاء به النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من الضّروريّات ليس بمؤمن ولا كافر ، وهذا خلاف التّحقيق ، فإنّ المحقّقين من المناطقة جعلوا الكفر عبارة عن عدم الإيمان عمّا من شأنه أن يكون مؤمنا ، فالتّقابل بينهما هو تقابل العدم والملكة ، كما يقول به الشّارح ، ولا تقابل التّضادّ كما هو ظاهر كلام المصنّف.
(١) أي مجيء النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إيّاه ، فالباء للتّعدية.
(٢) متعلّق ب «علم» أي الإيمان هو التّصديق والإذعان بما علم بالضّرورة أنّه من دين محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم كالتّوحيد والنّبوّة والبعث والعدل والإمامة ، واحترز به عمّا علم بالآحاد ، فإنّ إنكاره لا يكون كفرا.
(٣) أي التّصديق هو قبول النّفس لما جاء به النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من غير إباء ولا جحود.
(٤) أي انقياد النّفس لما جاء به النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من غير إباء ولا جحود ، فيكون قوله : «والإذعان له» تفسير لما قبله ، ثمّ إنّ الشّارح أتى بهذه العناية دفعا لما ربّما يتوهّم من أن يكون المراد بالتّصديق هو إدراك أنّ النّسبة واقعة ، فإنّ هذا ليس إيمان ما لم يفعله ، ولم يلتزم بالانقياد.
(٥) أي كالقطب الشّيرازي وغيره ، وحاصل الكلام في هذا المقام : إنّ التّصديق عند المحقّقين من المناطقة هو إدراك أنّ النّسبة واقعة ، أو ليست بواقعة على وجه الإذعان والقبول وعند غيرهم ، وهو المشهور إدراك أنّ النّسبة واقعة أو ليست بواقعة مطلقا ، أي ولو لم يكن ذلك الإدراك على وجه الإذعان.
(٦) أي بما اعتقده ، أي مع الإقرار بما اعتقده باللّسان ، ولو مرّة في عمره.
(٧) خرج به الجمادات والحيوانات العجم ، فلا يقال لشيء منهما أنّه كافر ، لأنّها ليس من شأنها أن تتّصف بالإيمان.
(٨) أي ممّا علم مجيء النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم به بالضّرورة ، وعلى هذا القول تثبت الواسطة بين الإيمان والكفر ، فإنّ الشّاكّ والجاهل الّذي لم يذعن ولم يجحد ليس بكافر ولا بمؤمن عندئذ مع أنّهم قد نفوا الواسطة بينهما ، فلا بدّ من الالتزام بكون التّقابل بينهما تقابل العدم والملكة لئلّا تلزم