فبينهما كمال الانقطاع ، ثمّ الجملتان المتّفقتان خبرا أو إنشاء لفظا ومعنى قسمان : لأنّهما إمّا إنشائيّتان (١) أو خبريّتان (٢) والمتّفقتان معنى فقطّ ستّة أقسام : لأنّهما إن كانتا إنشائيّتين معنى فاللّفظان إمّا خبران (٣) أو الأولى خبر ، والثّانية إنشاء (٤) أو بالعكس (٥) وإن كانت خبريّتين معنى فاللّفظان إمّا إنشاءان (٦) أو الأولى إنشاء والثّانية خبرا (٧) أو بالعكس (٨).
فالمجموع ثمانية أقسام ، والمصنّف أورد للقسمين الأوّلين (٩) مثاليهما [كقوله تعالى : (يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ)(١) (١٠) ،
________________________________________
(١) أي إنشاءان لفظا ومعنى نحو : أكرم زيدا ، وأهن أخاه.
(٢) أي خبريّتان لفظا ومعنى ، نحو : زيد كاتب وأخوه شاعر.
(٣) أي نحو : تذهب إلى فلان وتكرمه.
(٤) أي نحو : تذهب إلى فلان وأكرمه.
(٥) أي نحو : اذهب إلى فلان وتكرمه.
(٦) أي نحو : ألم أعطيك درهما ، وألم أكسيك ثوبا ، بمعنى أعطيتك درهما ، وكسوتك ثوبا.
(٧) أي ألم أعطيك درهما ، وأكسيك ثوبا.
(٨) أي نحو : أعطيك مائة دينار ، وألم أكسيك ثوبا.
(٩) أي وهما إنشائيّتان متّفقتان لفظا ومعنى ، وخبريّتان كذلك.
(١٠) الشّاهد في الآية : إنّ الجملتين المعطوفتين وهما (يُخادِعُونَ اللهَ) و (وَهُوَ خادِعُهُمْ) متّفقتان لفظا ومعنى ، لأنّ قوله تعالى : (يُخادِعُونَ اللهَ) خبر لفظا ومعنى ، (وَهُوَ خادِعُهُمْ) أيضا خبر لفظا ومعنى ، والجامع بينهما اتّحاد المسندين ، لأنّهما من المخادعة ، وكون المسند إليهما في أحدهما مخادع بالكسر ، وفي الآخر مخادع بالفتح ، فبينهما شبه التّضايف ، أو شبه التّضادّ لما تشعر به المخادعة من العداوة ، ثمّ إنّه ربّما يقال : إنّ التّمثيل بالآية لا يصحّ ، لأنّ الجملة الأولى فيها لها محلّ من الإعراب ، لأنّ في موضع خبر إنّ من قوله تعالى : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللهَ) ، ومحلّ الكلام في المقام في الجملة الّتي لا محلّ لها من الإعراب ، وأجيب بأنّ المقصود بيان نفس الصّور السّتّة الّتي هي أقسام التّوسّط بين الكلامين مع قطع النّظر عن كون الجملة لها
__________________
(١) سورة النّساء : ١٤١.