لكم إلاف] أي مؤالفة (١) في الرّحلتين المعروفتين ، كأنّه (٢) قيل : أصدقنا في هذا الزّعم أم كذبنا؟ فقيل : كذبتم ، فحذف هذا الاستئناف كله ، وأقيم قوله : [لهم إلف وليس لكم إلاف] ـ مقامه لدلالته (٣) عليه ، [أو بدون ذلك] ، أي قيام شيء مقامه (٤) اكتفاء بمجرّد القرينة (٥) [نحو : (فَنِعْمَ الْماهِدُونَ)(١) (٦) أي نحن على قول] أي على قول من يجعل المخصوص خبر المبتدأ ، أي هم نحن (٧).
________________________________________
(١) أي ليس لكم مؤالفة ورغبة مع القبائل ، والتّفسير إشارة إلى أنّ إلاف مصدر باب الإفعال ، بمعنى مصدر باب المفاعلة ، حيث إنّهم كانوا يؤالفون القبائل ، وهم يؤالفونهم في الرّحلتين المعروفتين.
ومعنى العبارة : وليس لكم مؤالفة ورغبة في الرّحلتين المعروفتين ، أي فقد افتريتم في دعوى الأخوّة لعدم التّساوي في المزايا والرّتب ، إذ لو صدقتم في ادّعاء الأخوّة والنّظارة لهم لاستويتم مع قريش في مؤالفة الرّحلتين.
(٢) أي شأن ، قيل من جانب بني أسد ، أي كأنّهم قالوا : «أصدقنا في هذا الزّعم أم كذبنا» ، وذلك لأنّ قوله : «زعمتم» يشعر بأنّ القائل لم يسلّم له ما ادّعاه ، إذ الزّعم كما ورد مطية الكذب ، ولكن قد يستعمل لمجرّد النّسبة لا لقصد التّكذيب ، فليس فيه تصديق ، ولا تكذيب صريح كما هنا ، فكان المقام مقام أن يقال : «أصدقنا ...» فقيل كذبتم ، فحذف هذا الاستئناف ، وهو قوله : كذبتم كله ، وأقيم قول الشّاعر : «لهم إلف وليس لكم إلاف» مقامه لدلالته عليه.
(٣) أي لدلالة قوله : «لهم إلف وليس لكم إلاف» على الاستئناف ، أعني قوله : «كذبتم».
وجه الدّلالة أنّ قوله : «لهم إلف ...» علّة لقوله : «كذبتم» والعلّة تدلّ على المعلول.
(٤) أي بدون قيام شيء مقام الاستئناف المحذوف.
(٥) أي القرينة الدّالّة على المحذوف ، أي القرينة الّتي لا بدّ منها في كلّ حذف.
(٦) والمراد بالماهدين ذات الله سبحانه ، وإنّما عبّر عنه بلفظ الجمع تعظيما.
(٧) أي يكون المحذوف جملة المخصوص مع مبتدئه ، وإنّما يكون ممّا حذف فيه المجموع على قول ، وأمّا على قول من يجعله مبتدأ ، والجملة قبله خبرا عنه ، فليس من هذا الباب ، أي الاستئناف.
__________________
(١) سورة الذّاريات : ٤٨.