وفي الجواهر ـ بعد أن ذكر الطريقين المزبورين لمعرفة خطّ نصف النهار ـ قال : ويمكن استخراجه بغير ذلك ، إنّما الكلام في اعتبار مثل هذا الميل في دخول الوقت بعد أن علّقه الشارع على الزوال الذي يراد منه ظهوره لغالب الأفراد حتّى أنّه أخذ فيه استبانته ، كما سمعته في الخبر (١) السابق ، وأناطه بتلك الزيادة التي لا تخفى على أحد على ما هي عادته في إناطة أكثر الأحكام المترتّبة على الأمور الخفيّة بالأمور الجليّة كي لا يوقع عباده في شبهة ، كما سمعته في خبر الفجر (٢) ، بل أمر بالتربّص وصلاة ركعتين (٣) ونحوهما انتظارا لتحقّقه ، فلعلّ الأحوط مراعاة تلك العلامة المنصوصة في معرفة الزوال وإن تأخّر تحقّقها عن ميل الشمس عن خطّ نصف النهار بزمان ، خصوصا والاستصحاب وشغل الذمّة وغيرهما موافقة لها (٤). انتهى.
وفيه : أنّ المراد بالزوال المعلّق عليه الحكم في الكتاب والسنّة وفتاوى الأصحاب ليس إلّا نفسه ، لا ظهوره للغالب ، وزيادة الظلّ بعد نقصانه من لوازم الزوال ، كما يدلّ عليه الأخبار المتقدّمة (٥) ، ويشهد به الاعتبار. واعتبار الاستبانة في الخبر المتقدّم (٦) إنّما هو من باب الطريقيّة ، كما يدلّ عليه نفس هذه الرواية
__________________
(١) أي : مرفوعة سماعة ، المتقدّمة في ص ١٣٦.
(٢) أي : خبر عليّ بن مهزيار ، المتقدّم في ص ١٢٧.
(٣) الكافي ٣ : ٤٢٨ / ٣ ، التهذيب ٣ : ١٢ / ٣٩ ، السرائر ٣ : ٥٥٧ ، الوسائل ، الباب ٥٨ من أبواب المواقيت ، ح ١ ، وكذا الباب ٨ من أبواب صلاة الجمعة ، ح ١٠.
(٤) جواهر الكلام ٧ : ١٠٢ ـ ١٠٣.
(٥) في ص ١٣٦ ـ ١٣٧.
(٦) في ص ١٣٦.