وفيه : أنّ المسبّب عن كلّ من السببين لو كان طبيعة غسل الجسد من حيث هي من دون اعتبار قيد زائد في شيء منهما ، لتمّ ما ذكر ، ولكنّه ليس كذلك ، بل المسبّب عن نجاسة البدن ليس إلّا وجوب إزالتها ، وعن الحدث ليس إلّا وجوب رفعه ، وهما ماهيّتان مختلفتان ، فإن أمكن إيجادهما بغسلة واحدة بأن لم يستلزم ذلك الإخلال بشيء من شرائطهما ، فلا مانع منه أصلا ، كما سبق (١) تحقيقه في مبحث تداخل الأغسال في باب الوضوء ، وإنّما الممتنع تعلّق وجوبين بطبيعة الغسل من حيث هي لا بلحاظ أفراده المتعدّدة.
وممّا يدلّ على عدم كون ما نحن فيه من هذا القبيل مع وضوحه في حدّ ذاته : عدم كون كلّ غسلة غسلا ، وعدم اعتبار كون الغسل واجدا للشرائط المعتبرة في إزالة النجاسة ، فيعلم من ذلك أنّ المأمور به عند حصول كلّ من السببين ليس طبيعة الغسل من حيث هي ، وقد عرفت فيما تقدّم أنّه إذا تغاير المسبّبان ذاتا وتصادقا على فرد ، يجوز إيجاد الفرد الجامع بقصد امتثال الأمر المتعلّق بكلتا الطبيعتين ، نظير إعطاء درهم على ذي رحم عالم فقير هاشميّ ، فإنّه يتحقّق بهذا الفعل الشخصيّ امتثال جميع الأوامر المتعلّقة بالعناوين الراجحة المقصودة المتحقّقة به.
ثمّ لو تمّ هذا الاستدلال ، لكان مقتضاه أنّه لو أتى بالفعل أوّلا بقصد الغسل أن تجب إعادته ثانيا لغسل جسده لا بقصد الغسل ، كما هو مقصود
__________________
(١) في ج ٢ ص ٢٦٨ وما بعدها.