بالترتيب.
نعم ، سائر الأخبار المتقدّمة لا تكافئ ظهورها في وجوب الترتيب ، لظهور هذه الأخبار في العدم ، لقوّة احتمال وقوع العطف بلفظة «ثمّ» للجري مجرى العادة ، فيشكل التصرّف لأجلها في الصحيحة الدالّة على كفاية الارتماس ، مع ما فيها من قوّة الدلالة على عدم اعتبار الترتيب وكون الغسل الارتماسي والترتيبي ماهيّة واحدة حيث إنّه يستشعر من قوله عليهالسلام : «وإن لم يدلك جسده» أنّ منشأ توهّم عدم الكفاية إنّما هو احتمال مدخليّة الدلك ، فيتقوّى بذلك ظهور الصدر في الإطلاق ، لكنّه مع ذلك لا يلتفت إلى مثل هذا الظاهر بعد إعراض الأصحاب عنه ومعارضته بالصحيحة والحسنة المتقدّمتين المعتضدتين بظهور سائر الأخبار وبالإجماعات المنقولة والشهرة المتحقّقة.
وقد اتّضح لك من ذلك أنّه يتعيّن ارتكاب التأويل أو الطرح فيما رواه هشام بن سالم ـ في الصحيح ـ عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه كان فيما بين مكة والمدينة ومعه أمّ إسماعيل ، فأصاب من جارية له فأمرها فغسلت جسدها وتركت رأسها ، وقال لها : «إذا أردت أن تركبي فاغسلي رأسك» ففعلت ذلك فعلمت بذلك أمّ إسماعيل فحلقت رأسها ، فلمّا كان من قابل انتهى أبو عبد الله عليهالسلام إلى ذلك المكان ، فقالت له أمّ إسماعيل : أيّ موضع هذا؟ قال : «هذا الموضع الذي أحبط الله فيه حجّك عام أوّل» (١).
__________________
(١) التهذيب ١ : ١٣٤ ـ ٣٧٠ ، الإستبصار ١ : ١٢٤ ـ ٤٢٢ ، الوسائل ، الباب ٢٨ من أبواب الجنابة ، الحديث ٤.