ـ الذي هو مقدّمة عاديّة لشراء اللحم ـ وجوب مستقلّ غير وجوبه المقدّمي حيث لا يترتّب على ترك التقييد في الفرض قبح أصلا ، بل المتبادر عرفا من الأوامر المتعلّقة بمقدّمات الواجب ـ داخليّة كانت أم خارجيّة ، عرفيّة كانت أم عقليّة أم شرعيّة ـ ليس إلّا الوجوب الغيريّ.
فلو فرض في المثال أنّه اشترى اللحم بسبب غير عادي من دون أن يدخل السوق ، فشكّ في تكليفه ، لتردّده في أنّ ذهاب السوق بنفسه هل هو ممّا تعلّق به الغرض أم لم يتعلّق الغرض به إلّا لكونه مقدّمة للشراء ، ينفى وجوبه النفسيّ بأصل البراءة.
ولا مسرح في مثل الفرض للتشبّث بإطلاق الأمر ، لأنّ الإطلاق على تقدير كونه واجبا غيريّا جار مجرى العادة ، وحيث إنّ غسل شعر الرأس وبلّه وإكثار الماء عليه من المقدّمات العاديّة لغسل مجموع البشرة التي تحته لا يفهم من الأمر به وجوب مغاير لوجوبه المقدّمي ، بل المرسلة المتقدّمة كادت أن تكون صريحة في إرادة الوجوب المقدّمي ، فإنّ قوله عليهالسلام : «فبلّوا الشعر وأنقوا البشرة» بعد قوله : «إنّ تحت كلّ شعرة جنابة» (١) بمنزلة ما لو أخبر المولى عبده بأنّ عنده ضيوفا ، ثمّ أمره مفرّعا على ذلك بأن يدخل السوق ويشتري اللحم لإطعامهم ، فإنّه لا يتوهّم في مثل الفرض إلّا إرادة الوجوب الغيريّ ، وفي الأمر ببلّ الشعر دون غسله أو إنقائه إشعار بذلك.
__________________
(١) تقدّمت الإشارة إلى مصدره في ص ٣٤٤ الهامش (٣).