وغيبوبة الحشفة في وجوب الغسل على الفاعل والمفعول به وإن لم يكن إنزال ، ولا وجدت في الكتب المصنّفة لأصحابنا الإماميّة إلّا ذلك ، ولا سمعت ممّن عاصرني منهم من الشيوخ نحوا من ستّين سنة يفتي إلّا بذلك ، فهذه مسألة إجماع من الكلّ.
ولو شئت أن أقول : معلوم ضرورة من دين الرسول صلىاللهعليهوآله أنّه لا خلاف بين الفرجين في هذا الحكم ، فإنّ داود وإن خالف في أنّ الإيلاج في القبل إذا لم يكن معه إنزال لا يوجب الغسل (١) ، فإنّه لا يفرّق بين الفرجين ، كما لا يفرّق باقي الأمّة بينهما في وجوب الغسل بالإيلاج في كلّ واحد منهما.
واتّصل بي في هذه الأزمان من بعض الشيعة الإماميّة أنّ الوطء في الدّبر لا يوجب الغسل تعويلا على أنّ الأصل عدم الوجوب ، أو على خبر يذكر أنّه في منتخبات سعد أو غيرها ، فهذا ممّا لا يلتفت إليه.
أمّا الأوّل : فباطل ، لأنّ الإجماع والقرآن ، كقوله تعالى (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) (٢) يزيل حكمه.
وأمّا الخبر : فلا يعتمد عليه في معارضة الإجماع والقرآن ، مع أنّه لم يفت به فقيه ولا اعتمده عالم ، مع أنّ الأخبار تدلّ على ما أردناه ، لأنّ كلّ خبر تضمّن تعليق الغسل بالجماع والإيلاج في الفرج فإنّه يدلّ على ما
__________________
(١) حلية العلماء ١ : ٢١٦ ، المجموع ٢ : ١٣٦ ، المغني ١ : ٢٣٦ ، الجامع لأحكام القرآن ٥ : ٢٠٥.
(٢) النساء : ٤٣.