اجتماعها الطهارتين حدثيّة وخبثيّة ، نقول : إنّ كلّ استصحاب بالقياس إلى الصلاة المقارنة له ممّا يقتضي بطلان تلك الصلاة ظاهرا وإن لم يطابق الواقع في إحدى الصلاتين.
ولا ريب أنّ هذا البطلان الظاهري في كلّ صلاة مانع من النيّة وقصد القربة ، فهو في كلّ منهما يؤدّي إلى البطلان واقعا باعتبار انتفاء النيّة في كلّ من الصلاتين وهي من شروط الصحّة ، ولعلّه لهذا كلّه أو بعضه صرّح جماعة من أساطين الطائفة في مفروض المسألة بمنع استعمال الانائين وتعيّن العدول إلى التيمّم أيضا.
وفي الحدائق : « الظاهر أنّه لا خلاف في الحكم المذكور ».
وأمّا ما قيل في المقام من أنّ الأقوى وجوب الجمع بين الوضوئين مع التيمّم على تقدير إمكان غسل العضو الملاقي لأوّل المائين ثمّ الصلاة عقيب كلّ وضوء لا وجه له إلاّ الاحتياط المتوهّم.
ويدفعه : أنّ المصحّح للصلاة حينئذ هو التيمّم من غير تأثير للوضوئين في الصحّة ، لاقتران كلّ منهما بما يقتضي بطلان الصلاة معه ظاهرا بل واقعا أيضا باعتبار فوات النيّة لولا التيمّم ، فيكون وجودهما بمنزلة عدمهما ، فهما مع التيمّم المفروض ليسا إلاّ كالحجر الموضوع في جنب الإنسان.
فإن قلت : إنّ بطلان الصلاتين باعتبار انتفاء النيّة إنّما هو إذا اعتبرنا أفراد كلّ صلاة بنيّة على حدة وهذا ليس بلازم ، بل يكفي نيّة واحدة مقارنة لهما معا ، والمفروض من حين قصده الإتيان بالصلاتين المتعقّبتين للوضوئين المتخلّل بينهما غسل الأعضاء إنّما ينوي أداء المأمور به الواقعي من الصلاتين وهو الصلاة الجامعة للطهارتين بداعي الأمر بها ، وهذه نيّة واحدة مستمرّة من حين الشروع في الأعمال المذكورة إلى الفراغ عن الصلاة الأخيرة ، وهي كافية في صحّة ما جامع من الصلاتين للطهارتين في الواقع وإن لم يعلمها بالخصوص ، وانضمام التيمّم حينئذ إلى الوضوئين إنّما هو للخروج عن شبهة الحرمة الذاتيّة في التطهّر بالماء النجس الموجبة لسقوط الأمر بالمائيّة ، لعدم إمكانها بعد فرض وجوب الاجتناب عن الجميع من باب المقدّمة العلميّة للاجتناب الواجب الثابت وجوبه بالقياس إلى النجس الواقعي ، فيكون الوجه في وجوب الجمع حينئذ هو الاحتياط الواجب في نظائر المقام.
قلت : إنّ الالتزام بذلك الاحتياط رعاية لتحصيل الطهارة الحدثيّة على وجه اليقين ترك للاحتياط بالقياس إلى رعاية الطهارة الخبثيّة ، لما عرفت من أنّ الغسل المتخلّل بين