وسابعها : وجودها في أحد كتابي الشيخ والكافي ومن لا يحضره الفقيه ، لاجتماع شهاداتهم على صحّة أحاديث كتبهم ، أو على أنّها مأخوذة من الاصول المجمع على صحّتها.
وفيما تقدّم في الموضع المشار إليه غنية عن التعرّض لما يرد عليه وما يدفعه.
واعلم أنّه ربّما يحكى عن بعض الأخباريّة أنّه وجّه قولهم بقطعيّة الأخبار ودعوى حصول العلم بصحّة الأصل وصدوره عن المعصوم بأنّ : المراد بالعلم هو ما يطمئنّ به النفس وتقضي العادة بالصدق ، وهذا هو العلم العادي قائلا ـ على ما نقله في رسالة الاجتهاد والأخبار ـ : « إنّ لفظ « العلم » يطلق لغة على الاعتقاد الجازم الثابت المطابق للواقع وهذا ما يسمّى باليقين ، وعلى ما يسكن إليه النفس ويقضي العادة بصدقه ويسمّى العلم العادي ، وهو يحصل بخبر الثقة وغيره إذا دلّ القرينة على صدقه ، وهذا هو الّذي اعتبره الشارع في ثبوت الأحكام الشرعيّة كما يرشد إليه موضوع الشريعة السمحة ، وقد عمل الصحابة وأصحاب الأئمّة بخبر العدل الواحد وبالمكاتبة على يد شخص ، بل وبخبر غير العدل إذا دلّت القرائن على صدقه ، ولا ينافي هذا الجزم تجويز العقل خلافه نظرا إلى إمكانه كما لا ينافي العلم بحياة زيد الّذي غاب لحظة تجويز موته فجأة.
ومن تتبّع كلام العرب ومواقع لفظ « العلم » في المحاورات جزم بأنّ إطلاقه عليه عندهم حقيقة وأنّ تخصيصه باليقين اصطلاح جديد من أهل المنطق ، وتحقّق أنّ « الظنّ » لغة هو الاعتقاد الراجح الّذي لا جزم معه أصلا ، والعلم بهذا المعنى اعتبره الاصوليّون والمتكلّمون في قواعدهم.
وفي الذريعة عرّف العلم : « بأنّه ما اقتضى سكون النفس » وهو يشمل اليقيني والعادي فهذا هو العلم الشرعي ، فإن شئت سمّه علما وإن شئت سمّه ظنّا ولا مشاحّة بعد العلم بأنّه كاف في ثبوت الأحكام ، فالنزاع لفظيّ لأنّ الكلّ أجمعوا على أنّه يجب العمل باليقين إن أمكن وإلاّ كفى ما يحصل به الاطمئنان والجزم عادة ، ولكن هل يسمّى علما حقيقة بأنّ له أفرادا متفاوتة أعلاها اليقين وأدناها ما قرب من الظنّ المتاخم ، أو حقيقة واحدة لا تتفاوت وهي اليقين وما سواه ظنّ وذلك خارج عمّا نحن فيه؟ » انتهى ملخّصا.
وفي هذا الكلام من اختلال النظام ما لا يخفى على اولي الأفهام ، فإنّ لفظ « العلم » في العرف الكاشف عن اللغة حسبما تساعد عليه الأمارات المميّزة للحقيقة عن المجاز ـ على ما تقرّر في غير موضع ـ لا يطلق بعنوان الحقيقة إلاّ على الاعتقاد الجازم المطابق للواقع