أو الأحاديث الشريفة ، كأن يقال : ( يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) (١) ، ( فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ) (٢) ، وغير ذلك ، فإنّه لابدّ من تأويله ، ولا يحمل على ظاهره ، بأنّ لله يداً كما كان للإنسان ، فهذا من التجسيم الباطل ، والمستلزم للكفر والنجاسة ، بل يفسّر يد الله بقدرته ، فقدرة الله فوق قدرتهم ، ( ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ) (٣) ، أي استولى ، لا أنّه يجلس على العرش ، ويكون له أطيط كأطيط الرحل.
وكذلك باقي الأوصاف التي تدلّ بظاهرها على التجسيم ، فلابدّ من تأويلها ، وأنّها من الاستعمال المجازي والكنائي ، وبعد هذا نقول : لأسماء الله وصفاته مظاهر ، فإنّ القدرة الإلهيّة ، واليد الإلهيّة لابدّ أن تظهر ، فلها مظاهر في خلقه ، وأتمّ مظهر للقدرة هو خليفة الله في الأرض ، أي النبيّ والوصي عليهماالسلام ، فيكون كلّ واحد منهما يد الله في الأرض المبسوطة بالرحمة على عباده.
ولمّا كان الله يرى ويسمع ، أي يعلم بالمرئيّات والمسموعات ، ويشهد ذلك ، فلابدّ أن يظهر هذا العلم على مخلوقاته ، وأتمّ المخلوقات الحامل لعلم الله هو الإنسان الكامل ، أي خليفته في الأرض ، يعني النبيّ والوصي عليهماالسلام ، فيكون كلّ واحد منهما عين الله في خلقه ، وشاهداً عليهم ، ( وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ) (٤) ، ورؤية الله علمه ، وأذن بل أمر نبيّه أن يكون شاهداً على خلقه ، لأنّه هو الحجّة ، فإنّ الله يحتجّ به على خلقه ، ولازم الحجّية الشهود والحضور ، كما في البيّنة الظاهرية ، لابدّ أن تكون الشهادة محسوسة.
فالإمام حمّله الله الشهادة ، وإنّه يشهد على الخلق ، فلابدّ أن يعلم بما يفعله
__________________
١ ـ الفتح : ١٠.
٢ ـ البقرة : ١١٥.
٣ ـ الأعراف : ٥٤.
٤ ـ التوبة : ١٠٥.