بخارا بسبب هذه الفتوى » (١).
وكرّر السرخيّ في المبسوط ذكر هذه الفتوى الشاذّة من البخاريّ : « ولو أنّ صبيين شربا من لبن شاة أو بقرة لم تثبت به حرمة الرضاع ، لأنّ الرضاع معتبر بالنسب ، وكما لا يتحقّق النسب بين آدميّ وبين البهائم فكذلك لا تثبت حرمة الرضاع بشرب لبن البهائم ، وكان محمّد بن إسماعيل البخاريّ صاحب التاريخ يقول : تثبت الحرمة. وهذه المسألة كانت سبب إخراجه من بخارا ، فإنّه قدم بخارا في زمن أبي حفص الكبير ، وجعل يفتي ، فنهاه أبو حفص وقال : لست بأهل له. فلم ينته حتّى سئل عن هذه المسألة فأفتى بالحرمة ، فاجتمع الناس وأخرجوه » (٢).
ويبدو من بعض كتب الفقه عند الحنابلة : إنّ هناك من شذّ ـ كالبخاريّ ـ فقال بالحرمة ، فقد جاء في كتاب الإنصاف : « فلو ارتضع طفلان من بهيمة أو رجل ، أو خنثى مشكل ، لم ينشر الحرمة بلا نزاع.
إذا ارتضع طفلان من بهيمة : لم ينشر الحرمة بلا نزاع ، وإن ارتضع من رجل لم ينشر الحرمة أيضاً ، على الصحيح من المذهب ، وعليه الأصحاب وقطعوا به ، وذكر الحلوانيّ وابنه : بأنّه ينشر » (٣).
وجاء في كتاب العدّة شرح العمدة : « فأمّا لبن البهيمة فلا يثبت الحرمة ، فلو ارتضع طفلان من بهيمة لم يصيرا أخوين » (٤).
قال بعضهم : يصيران أخوين وليس بصحيح ، لأنّ هذا اللبن لا يتعلّق به تحريم الأُمومة ، فلا يتعلّق به تحريم الأخوّة ، لأنّ الأخوّة فرع على الأُمومة ، ولأنّ
__________________
١ ـ المصدر السابق ٥ / ١٣٩.
٢ ـ المصدر السابق ٣٠ / ٢٩٧.
٣ ـ الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف ٩ / ٣٤٧.
٤ ـ العدّة شرح العمدة ٢ / ١٩.